وحده ومعبوده هو الذي يأذن للشافع فيه، قال تعالى: ﴿أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعَاءَ﴾ إلى قوله: ﴿قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا﴾، وقال تعالى: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ﴾ .
فبين الله المتخذين شفعاء مشركون وأن الشفاعة لا تحصل باتخاذهم وإنما تحصل بإذنه سبحانه للشافع ورضاه عن المشفوع له كما تقدم بيانه، والمقصود أن الكتاب والسنة دلا على أن من جعل الملائكة والأنبياء أو ابن عباس أو أبا طالب أو المحجوب وسائط بينه وبين الله يشفعون له عند الله لأجل قربتهم من الله كما يفعل عند الملوك، أنه كافر مشرك حلال الدم والمال إن قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله وصلى وصام وزعم أنه مسلم، بل هم من الأخسرين أعمالًا الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحبون أنهم يحسنون صنعًا، ومن تأمل القرآن العزيز وجده مصرحًا بأن المشركين الذين قاتلهم رسول الله –ﷺ-كلهم مقرون بأن الله هو الخالق الرازق وأن السماوات السبع ومن فيهن والأرضين السبع، ومن فيهن كلهم عبيده وتحت قهره وتصرفه كما حكاه تعالى عنهم في سورة يونس وسورة المؤمنين وسورة العنكبوت وغيرهم من السور، وجده مصرحا بأن المشركين يدعون الصالحين كما ذكر الله تعالى ذالك عنهم في سورة سبحان والمائدة وغيرهما من السور، وكذلك أخبر عنهم أنهم يعبدون الملائكة كما ذكر ذلك عنهم في سورة الفرقان وسبأ والنجم، وجده مصرحا أيضا بأن المشركين ما أرادوا ممن عبدوا إلا الشفاعة والتقرب إلى الله تعالى كما ذكر عنهم في سورة يونس والزمر وغيرهما من السور، فإذا تبين لكم أن القرآن قد صرح بهذه المسائل الثلاث أعني اعتراف المشركين بتوحيد الربوبية وأنهم يدعون الصالحين وأنهم ما أرادوا
1 / 51