مدونة أحكام الوقف الفقهية
مدونة أحكام الوقف الفقهية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
Genres
ويأتي السلطان "الظاهر بيبرس" على رأس قائمة السلاطين المماليك الذين اهتموا بالأيتام وبالأوقاف وتنظيمها، والمحافظة عليها من الاغتصاب والتعدي عليها، فقد استعاد عددًا من الأوقاف التي اغتصبت قبل توليه السلطة (^١)، وأنشأ مكتبًا للسبيل بجوار مدرسته، وقرر لمن فيه من الأيتام المسلمين الخبز في كل يوم، بالإضافة لكسوة الشتاء والصيف، وكذلك أنشأ السلطان "قلاوون" مكتبًا لتعليم الأيتام، ورتَّب لكل طفل جراية في كل يوم، وكسوة في الشتاء وأخرى في الصيف (^٢)، كما وقف "الطواشي ظهير الدين مختار" - أحد أمراء دمشق في القرن السابع الهجري مكتبًا للأيتام على باب قلعة دمشق، ورتَّب لهم رواتب شهرية وكسوة، وكان يشرف عليه بنفسه، ويجري لهم الاختبارات بنفسه، ويفرح بذلك (^٣).
ومن أبرز مآثر "الظاهر بيبرس" أيضًا أنه أنشأ وقفًا أطلق عليه "وقف الطرحاء"؛ برسم تغسيل فقراء المسلمين وتكفينهم ودفنهم (^٤)، وقد انتشرت أوقاف مغاسل الموتي في مصر وغيرها، والتي كانت تتكون عادة من عمارة كبيرة تضم مغسلًا للموتى، ينقسم إلى قسمين: أحدهما خاص بالرجال، والآخر خاص بالنساء، أما المصلاة الملحقة بالمغسل فكان بها ميضأة بها فسقية للماء؛ فضلًا عن حوض لسقي دواب المشيعين، وقد وجد في القاهرة في القرن التاسع الهجري الخامس عشر ميلادي ما ينيف على خمسة عشر من هذه المغاسل والمصليات، ومن أشهر هذه المغاسل التي كانت تُقام على أطراف المدن بالقرب من المقابر ما أقامه الأمير "يَشْبَكُ بن مهدي" قرب مدرسة السلطان حسن، عند الطرف الشمالي الشرقي من مدينة القاهرة، وذلك عام ٨٧٣ هـ / ١٤٦٩ م، وقد أشار إليه كل من السخاوي وابن تغري بردي وابن إياس.
(^١) انظر: نهاية الأرب في فنون الأدب، شهاب الدين أحمد النويري، مخطوط دار الكتب المصرية رقم ٥٤٩، معارف عامة، ٢٨/ ٣٤٣. (^٢) انظر: المؤسسات الاجتماعية في الحضارة العربية الإسلامية (موسوعة الحضارة العربية الإسلامية)، سعيد عبد الفتاح عاشور، ٣/ ٣٤٣. (^٣) انظر: البداية والنهاية، ابن كثير، ١٤/ ٧٨. (^٤) انظر: الحياة الاجتماعية بالمدينة الإسلامية، سعيد عبد الفتاح عاشور، مجلة عالم الفكر، أبريل - مايو - يونيو ١٩٨٠ م، ١١/ ١١٢.
1 / 85