مدونة أحكام الوقف الفقهية
مدونة أحكام الوقف الفقهية
Numéro d'édition
الأولى
Année de publication
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٧ م
Genres
ويذكر القلقشندي أن وظيفة "ناظر الأحباس" كانت وظيفة عالية المقدار، يتحدث صاحبها في رُزُق الجوامع والمساجد، والأربطة، والزوايا، والمدارس .. من الأرضين المفردة لذلك (^١)، ومن ناحية أخرى كان للأوقاف عامة أثرها الاقتصادي المؤثر في شتى المجالات، فمن عائداتها أنفق على المؤسسات التعليمية ودور الثقافة والمشافي كما قال بروكلمان (^٢).
ويعد الاهتمام بالأيتام مظهرًا بارزًا من مظاهر حركة الوقف في العصر المملوكي، فقلما يوجد سلطان أو أمير إلا وقف للأيتام مكتبًا لتعليمهم والصرف عليهم، وقلما وجد مسجد في العصر المملوكي لا يوجد بجواره مكتب لتعليم الأيتام، بل إن بعض السلاطين أحدثوا في بعض الأمصار الإسلامية منصب "ناظر الأيتام" بعد أن كثرت الأوقاف المخصصة لهم (^٣).
وقد استرعت انتباه الرحالة ابن جبير ظاهرة كثرة المدارس والمحاضن التي تُعني بالأيتام في المشرق، فقد عدَّها من أغرب ما يحدث به من مفاخر البلاد الشرقية من العالم الإسلامي، ثم ذكر بعض ما شاهده من أمور مرتبة لهؤلاء الأيتام (^٤).
ولم تتوقف رعاية الأيتام على توفير المأكل والكسوة والمساعدات المادية فقط، بل حرص الواقفون على توفير الأدوات التعليمية؛ مثل: الأقلام، والمداد، والألواح، والدورى (المحابر)، والحصر التي يجلسون عليها، وقد حرص الواقفون في نصوص وقفياتهم على الأيتام على تحديد كل ما يتعلق بالأيتام ورعايتهم بتفصيل دقيق، ومن ذلك تحديد المناهج وطرق التدريس، والتأديب والتربية، فضلًا عما اشترطوه من مواصفات محددة في المؤدب (^٥).
(^١) انظر: صبح الأعشى، القلشقندي، ٤/ ٣٧ - ٣٩ و٢٥٣ - ٢٥٥ و١١/ ٢٤٨. (^٢) انظر: تاريخ الشعوب الإسلامية، كارل بروكلمان، ترجمة: نبيه فارس ومنير البعلبكي، بيروت، دار العلم للملايين، طـ ٥، ١٩٦٨ م، ٣٧١. (^٣) انظر: حماية القاصرين في نظام الوقف ببلاد المغرب والأندلس، د. وداد العيدوني، مجلة أوقاف، الكويت، ع ١٣، السنة السابعة، شوال ١٤٢٨ هـ. (^٤) انظر: رحلة ابن جبير، ابن جبير، ٢٤٥. (^٥) انظر: الأوقاف والحياة الاجتماعية في مصر (٦٤٨ - ٩٢٣ هـ/ ١٢٥٠ - ١٥١٧ م)، د. محمد محمد أمين، ٢٦٥ - ٢٦٩.
1 / 84