"الْمائَة شَاةٍ وَالخْادِم رَدٌّ علَيكَ، وَعلَى ابْنِكَ مَائةُ جَلْدَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ".
وهو حديث متفق عليه من رواية أبي هريرة وزيد بن خالد الجهني كما ذكرنا في موضعه، ولكن هكذا ساقه ابن رجب!!
وإذا كان الحديث في الصورة التي يذكر فيها الراوي والمرجع محتاجا في تحقيقه إلى الجهد الكبير الذي أشرنا إليه، فكيف به في مثل هاتين الصورتين؟!
وما أعتقد أن هذا أمر يمكن قبوله أو تحمله من محدث كابن رجب؛ مقتدر على البيان في موضع حاجتنا إليه، مستبحر في علم الحديث بنوعيه: الرواية والدراية!
* * *
٣ - النص على درجة الحديث:
في هذه المسألة نجد لابن رجب موقفين:
الأول: خاص بالأحاديث الرئيسة في الكتاب، وهي الخمسون.
والثاني: خاص بالأحاديث الفرعية، وهي ما عدا ذلك.
فنحن نراه في النوع الأول لا يألو فيه جهدًا، ولا يخبأ فيه علما، ولا يستطرد إلى قول لا حاجة بالحديث إليه.
* * *
وإذا كان النووي يكتفي عقب كل حديث أورده بمثل قوله: "أخرجه البخاري ومسلم" أو "أخرجه الترمذي" فابن رجب لا يكتفي بما ذكره النووي، وإنما يتتبع طرق الحديث في المصنفات الحديثية الأخرى، ويورد صيغه عن هذه المصنفات برواية الصحابي الذي ذكره النووي، ثم براوية غيره من الصحابة إن كان للحديث روايات أخرى؛ لما في ذلك من الفوائد الجليلة.
ومثال ذلك ما صنع في الحديث الثاني الذي قال فيه النووي: "رواه مسلم" فقد ذكر ابن رجب عقب هذا أن مسلمًا تفرد به عن البخاري من طريق كهمس، عن عبد الله بن بريدة، عن يحيى بن يعمر، عن ابن عمر، عن عمر .. ثم تتبع طرقه، ووجوهه الأخرى في صحيح مسلم، والبخاري وابن حبان، ومسند أحمد، ومستدرك الحاكم، ومسندى البزار، وابن مردويه، وسنن الترمذي .. وهو في هذا كله يقارن، ويحلل، ويستنبط، ويذكر أوجه الخلاف والاتفاق بين هذه الروايات، وما يمكن أن
1 / 17