وأخطأ ابن رجب في نسبة حديث لمسند أحمد من رواية العرباض بن سارية.
والحديث ليس في مسند أحمد من رواية العرباض، وإنما هو فيه من رواية النواس بن سمعان، وتأكد هذا برواية الترمذي، والنسائي وغيرهما للحديث وبمراجعة مسند أحمد في مسندي النواس والعرباض كليهما، كما بينا ذلك في موضعه.
وأخطأ ابن رجب حين أدمج حديثين في حديث، ووصل بينهما بكلمة من عنده، واعتبرهما بهذه الإضافة حديثًا واحدًا مرويًّا عن النبي ﷺ في صحيح الحاكم!؟ والحاكم لم يروه حديثًا واحدًا، ولا روى هذه اللفظة المقحمة، وإنما رواهما حديثين بإسنادين مختلفين. راجع شرح الحديث الثاني من هذا الجزء، وما علقنا به على هذه المسألة.
ولقد توارد على هذه الأخطاء جميعها ناسخو الكتاب وناشروه من النسخة التي عرضت على المؤلف، وأقرها، وكتب بخطه عليها حتى الطبعة التي صدرت بتحقيق الشيخ أحمد شاكر ﵀.
وقد اكتفيت بتحقيق المصادر التي نص عليها ابن رجب؛ لهذا، ولئلا أخرج بالكتاب عن الإطار الذي أراده له مؤلفه، ولا عن الحجم الذي أريد له في إخراجه.
٢ - نسبة الحديث إلى راويه وإلى مصدره:
لم يكن لابن رجب في هذا منهج ملتزم، ولا سَنَن متبع؛ فهو تارة ينسب الحديث إلى راويه من الصحابة، وإلى من خرجه من المحدثين، وتارة يقتصر على ذكر الراوي فتط كقوله في هذا الجزء ص: (١٧٤ - ١٧٥).
"وفي حديث عبادة بن الصامت عن النبي ﷺ قال: أوَّل مَا خَلَقَ الله الْقَلَمَ، قَالَ لَهُ: اكْتُبْ فَجَرَى بِمَا هُوَ كَائِنٌ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
وهو حديث مذكور في كثير من المصادر كجامع الترمذي، وسنن أبي داود، ومسند الطيالسي.
بيد أن ابن رجب لم يذكر من مصادر الحديث شيئًا.
وقد لا يذكر الراوي ولا المرجع كقوله ص (١٨٩) من هذا الجزء:
وأما المعاملات كالعقود .. فما كان منها تغييرًا للأوضاع الشرعية كجعل عقوبة الزنا عقوبة مالية وما أشبه ذلك فإنه مردود؛ ويدل لهذا أن النبي ﷺ قال للذي سأله: إن ابني كان عسيفًا على فلان فزنى بامرأته، فافتديت منه بمائة شاة وخادم فقال النبي ﷺ
1 / 16