إلى النبي ﷺ فأخبره أنَّ الحسين مقتول، وأراه من تربة الأرض التي يُقتل فيها، فأعطاه لأُمّ سلمة وأخبرها أن يوم قتله يتحول دمًا، فكان كذلك. وشم ﷺ ذلك، فقال: "رِيحُ كَرْبٍ وبلاء".
وسببه: أنه لما مات الحسن ﵁ أخذ معاوية ﵁ البيعة ليزيد من أهل الشام، وجاء حاجًّا، فأراد أن يأخذها من أهل الحجاز من المهاجرين والأنصار فامتنعوا، وقالوا: إن كان لك رغبةٌ فيها فهي لك، وإن سئمتها فردها على المسلمين.
فلما مات معاوية ﵁، وبُويع ليزيد بالشام وغيرها أرسل يزيد لعامله بالمدينة أن يأخذ له البيعة على الحسين ﵁، فهرب الحسين إلى مكة خوفًا على نفسه، فأرسل إليه أهل الكوفة أن يأتيهم ليبايعوه، فنهاه ابن عباس ﵄، وذكر له غدرهم وقتلهم لأبيه، وَخِذْلانهم لأخيه، وأمره أن لا يذهب بأهله، فأبى، فبكى ابن عباس ﵄، وقال: واحسيناه. وقال له ابن عمر ﵄ نحو ذلك، فأبى، فقبّل بين عينيه، وقال: أستودعك الله من قتيل. وكذلك نهاه ابن الزبير ﵄، بل لم يبق بمكة أحدٌ إلَّا حَزن لمسيره.
ولما بلغ أخاه محمد بن الحنفية بكى حتى ملأ طستًا بين يديه، وقَدّمَ أمامه مسلم بن عقيل، فبايعه من أهل الكوفة اثنا عشر ألفًا أو أكثر، فأرسل إليه يزيد ابن زياد وحرضه على قتله، وأخذوا مسلم بن عقيل فقتلوه، وتفرق المبايعون.
وسار الحسين ﵁ غير عَالمٍ بذلك، فلقي الفرزدق فسأله، فقال: قلوب الناس معك، وسيوفهم مع بني أمية، والقضاء ينزل من السماء.
ولما قرب من القادسية تلقاه من أخبره الخبر، وأمره بالرجوع فهمَّ بالرجوع، فقالت إخوة مسلم بن عقيل: والله لا تَرجِع حتى نأخذ بثأرنا، أو نُقتل. فقال: لا خير في الحياة بعدكم.
ثم سار فلقيه أوائل خيل ابن زياد، فعدل إلى كربلاء، فجهز إليه ابن زياد عشرين ألف مقاتل، فلما وصلوا إليه طلبوا منه النزول على حكم ابن زياد، والمبايعة ليزيد، فقال: دعوني أذهب إلى يزيد. فأبى ابن زياد إلَّا النزول على حكمه.
1 / 65