آنية فاقبضوه، وما كان سوى ذلك فهو لورثتهم.
ونادى على الزبير ﵁ وقال: تعال ولك الأمان. فخلا به، وقال: أَنشُدك الله؛ هل سمعت رسول الله ﷺ يقول وأنت لاوٍ يدي: "لتقاتلنَّهُ وأنت له ظالم، ثم ليُنصرنَّ عليك".
قال: لقد ذكرتني شيئًا أنسانيه الدهر، لا جرم لا أُقاتلك.
فقال له ابنه: ما جِئتَ للقتال إنما جِئتَ للصلح، فأعتق غلامك وقِف. فأعتق غلامه ووقف.
فلما رَأى الحرب نشبت، وأيس من الصُّلح خرج عن العسكرين، فغلب أصحاب أمير المؤمنين علي ﵁، وبلغت القتلى ثلاثة عشر ألفًا، وقُتل طلحة ﵁.
رَوى الحاكم عن ثور بن مَجْزَأةَ قال: مررت بطلحة يوم الجمل في آخر رمق، فقال لي: ممن أنت؟ قلت: من أصحاب أمير المؤمنين علي. فقال: ابسط يدك أبايعك، فبسطت يدي، فبايعني، وقال: هذه بيعة علي. وفاضت نفسه، فأتيتُ عليًا فأخبرته، فقال: الله أكبر، صدق رسول الله ﷺ، أبى الله أن يدخل طلحة الجنة إلَّا وبيعتي في عنقه. ثم جمع الناس وبايعهم.
وانتهى عبد الله بن يزيد بن ورقاء الخزاعي إلى عائشة ﵂ وهي في الهودج، فقال: يا أم المؤمنين؛ أتعلمين أني أتيتك عندما قتل عثمان، فقلت: ما تأمرينني؟ فَقُلْتِ: الزم عليًا؟ ! فسكتت. فقال: اعقروا الجمل. فعقروه، فنزل محمد بن أبي بكر أخوها، ورجلٌ آخر، فاحتملا هودجها، فوضعاه بين يدي علي ﵁، وإنه كالقنفذ من السهام.
فسألها محمد: هل أصابك شيء منها؟ فقالت: لا. وأمر علي كرم الله وجهه أخاها محمدًا وعمارًا أن يضربا عليها قبة، ففعلا، فجاء إليها عليّ ﵁ مُسَلِّمًا، فقال: كيف أنت يا أمُّ؟ قالت: بخير. قال: يغفر الله لك. وجاء وجوه الناس والأعيان يُسَلّمُون عليها.
1 / 49