قتل عثمان؛ إلَّا تبع الدجال إن أدركه، وإن لم يدركه آمن به في قبره.
وسبب قتله بالاختصار: أنهم انتقدوا عليه بعض الأمور؛ منها: أنه وَلَّى محمد بن أبي بكر مصر، فلما كان في بعض الطريق، إذا بغلام عثمان ﵁ على ناقته متوجهًا نحو مصر، فأتوا به، فسألوه عن الخبر، فلم يُخبرهم، ففتشوه، فلقوا معه كتابًا إلى العامل بمصر يأمُرُه فيه بقتله، فرجع إلى المدينة، فاجتمع عليه أربعة آلاف من أوباش مصر، ورئيسهم ابن عُديس، وابن تميم، وغيرهما، وسألوه -أي: عئمان ﵁ عن الكتاب والغلام، فقال: لا علم لي به. فقالوا: إنَّ هذا فِعْلَ مروان. وعرفوا خطه، وقالوا: فادفعه إلينا. فلم يفعل، فأرادوه على أن يعزل نفسه، فلم يفعل؛ امتثالًا للحديث المارِّ: "إنَّ الله مُقمِّصك قميصًا. . .".
وكانوا لما هجموا المدينة، كان عثمان ﵁ يخرج فيصلي بالناس وهم يُصلون خلفه شهرًا، ثم خرج في آخر جُمعةٍ خرج فيها، فَحَصَبُوه حتى وقع عن المنبر ولم يقدر أن يُصلي بهم، فَصلّى بهم يومئذ أبو أُمامةَ سهل بن حُنَيف، فمنعوه، وكان يُصلّي ابن عُديس تارة، وكنانة بن بشر أخرى، فبقوا على ذلك عشرة أيام، وكان طَلحة يُصلي بهم، وأكثر ما كان يصلي بهم علي ﵁، وهو الذي صَلّى بهم العيد، فحاصروه؛ قيل: عشرة أيام، وقيل: أربعين يومًا. ويمكن الجمعُ بأنَّ ثلاثين يومًا كان يخرج للصلاة، وعشرة شَدّدوا عليه الحصار ومنعوه من الخروج للصلاة، ومنعوه الماء، فجاءت الأنصار إلى الباب وقالوا: يا أمير المؤمنين؛ إن شئت كُنا أنصار الله مرتين، فقال: لا حاجة لي في ذلك؛ كُفُّوا، إنَّ رسول الله ﷺ عَهِد إلي عَهدًا وأنا صائرٌ إليه. وجاء علي كرم الله وجهه في جماعةٍ من بني هاشم يُريد نصره.
فقال: كُلّ من لي عهدٌ في ذمته يَكُف عن القتال. فأخذ عليّ ﵁ عمامته ورمى بها في صحن داره، وقال: ﴿ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ﴾، ومنعوه الماء العذب، فأرسل عليٌّ الحسنَ والحسينَ وعبدَ الله بن جعفر ﵃ في فتيةٍ من بني هاشم بثلاث قِرَبٍ من الماء، فحالوا دونهم، فحملوا عليهم حتى جُرِح الحسن أو الحسين بن علي ﵃، وسال الدَمُ على وجهه،
1 / 41