وأوصلوه الماء، فلما رأوا ذلك خافوا بني هاشم، وتركوا الباب، ونَقبُوا البيت من ظهره، وكان عنده في الدار عَبيدُهُ الكثيرون، فأرادوا أن يمنعوا عنه، فقال: من أغمد سيفه فهو حُر. ومنعهم من ذلك.
وكان ممن دخل عليه الدار: محمد بن أبي بكر ﵁ فذكر له بعض مناقبه في الإسلام، ويقول: أَنشدُك الله ألم تعلم كذا؟ ألم تعلم كذا؟ وَكُلّ ذلك يقول محمد: نعم.
ثم قال له: لو رأى أبو بكر مكانك هذا مني لساءه ذلك، فخرج محمد، ودخل عليه جماعةٌ فقتلوه في أواسط أيام التشريق والمصحف بين يديه، سنة خمس وثلاثين من الهجرة عن ثمان وثمانين سنة من العُمْرِ، وقيل: أكثر، وقيل: أقل.
ورأى في ليلة يوم قُتل فيه النبيَّ ﷺ قال له: "يا عثمان؛ أفطر عندنا". فأصبح صائمًا، وقتل وهو صائم.
رَوى ابن منيع في "مسنده" من طريق النُعمان بن بشير، عن نَائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان ﵁؛ قالت: لما حُصِر عثمان ﵁ ظل صائمًا، فلما كان عند الإفطار سألهم الماء العذب، فمنعوه، فبات، فلما كان في السَّحَر قال: إنَّ رسول الله ﷺ اطلع عليَّ من هذا السقف ومعه دلوٌ من ماء، فقال: "اشرب يا عثمان"، فشربت حتى رويت، ثم قال: "ازدد"، فشربت حتى تملأت.
وَروى الحارث بن أبي أسامة في "مسنده"، عن مُهاجر بن حبيب قال: بعث عثمان إلى عبد الله بن سَلام وهو مَحصُور، فقال له: ارفع رأسك ترى هذه الكُّوّة، فإنَّ رسول الله ﷺ أشرف منها هذه الليلة، فقال: "يا عثمان؛ أحصروك؟ ! " قلت: نعم. فأدلى دلوًا فشربت منه، فإني لأجِدُ بَرْدَهُ على كبدي، ثم قال لي: "إن شئت دَعوتُ الله فينصرك عليهم، وإن شئت أفطرت عندنا"، فاخترت الفطر عنده، فقُتل في يومه.
وفي "تنوير الحلك" للسيوطي، مَعزُوًا لابن باطيش في كتاب "مزيل
1 / 42