وقد قدمنا لك أن التقوى تزيد وتنقص كالإيمان، وأمَّا حصره في ثلاث أو أقل أو أكثر فلا دليل عليه [٦٠٣] .
وقد فسر السلف قوله ﴿حَقَّ تُقَاتِهِ﴾ بقول بعضهم: "وهو استفراغ الوسع بالقيام بالواجب والاجتناب عن المحارم"١ كقوله: ﴿فَاتَّقُوا الله مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾ ٢. وعن ابن مسعود "وهو أن يطاع فلا يعصى، ويشكر فلا يكفر، ويذكر فلا ينسى"٣ انتهى.
قوله: "وكراماتهم ثابتةٌ، وتصرفهم باقٍ إلى يوم القيامة، ولا تنقطع بالموت؛ لأنَّ مرجع الكرامة – كالمعجزة - إلى قدرة الله تعالى التامة العامة المحيطة المتعلقة بجميع الممكنات بأسرها إيجادًا وإعدامًا، على وَفْقِ الإرادة الأزلية التي يترجح بها حصول الممكن على مقابله، ولا يمتنع شيءٌ منها على قدرته وإرادته".
أقول: في "جمع الجوامع" لابن السبكي وشرحه للمحلي ما لفظه: "وكرامات الأولياء حقٌّ؛ أي: جائزةٌ وواقعةٌ. قال القشيري: "ولا ينتهون إلى نحو ولد بلا والد، وقلب جماد بهيمة"٤. قال المصنف وهذا حق يخصص قول غيره: ما جاز أن يكون معجزةً لنبي جاز أن يكون كرامة لولي، لا فارق بينهما إلا التحدي. قال: ومنع أكثر المعتزلة الخوارق
_________
١ نظير هذا قول الحسن البصري ﵀: "المتقون اتقوا ما حرم الله عليهم وأدوا ما افترض الله عليهم" أورده ابن رجب في جامع العلوم والحكم (ص:١٤٩) .
٢ سورة التغابن، الآية ١٦.
٣ رواه ابن جرير الطبري في تفسيره (٣/٢٨) .
٤ انظر: الرسالة للقشيري (ص:١٦٠) .
1 / 62