وقال تعالى: { وإن تظاهرا عليه فإن الله هو مولاه وجبريل وصالح المؤمنين } [التحريم: 4]. فبين الله أن كل صالح من المؤمنين فهو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والله مولاه، وجبريل مولاه، وليس في كون الصالح من المؤمنين مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما أن الله مولاه، وجبريل مولاه، أن يكون صالح المؤمنين متوليا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا متصرفا فيه.
وأيضا فقد قال تعالى: { والمؤمنون والمؤمنات بعضهم أولياء بعض } [التوبة: 71]، فجعل كل مؤمن وليا لكل مؤمن. وذلك لا يوجب أن يكون أميرا عليه معصوما، لا يتولى عليه إلا هو.
وقال تعالى: { ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون، الذين آمنوا وكانوا يتقون } [يونس: 62، 63]، فكل مؤمن تقي فهو ولي الله، والله وليه. كما قال تعالى: { الله ولي الذين آمنوا } [البقرة: 257]، وقال: { ذلك بأن الله مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم } [محمد: 11]، وقال: { إن الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله والذين آووا ونصروا } إلى قوله: { وأولوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله } [الأنفال: 72-75].
فهذه النصوص كلها ثبتت فيها موالاة المؤمنين بعضهم لبعض، وأن هذا ولي هذا، وهذا ولي هذا، وأنهم أولياء الله، وأن الله وملائكته والمؤمنين موالي رسوله، كما أن الله ورسوله والذين آمنوا هم أولياء المؤمنين. وليس في شيء من هذه النصوص أن من كان وليا للآخر كان أميرا عليه دون غيره، وأنه يتصرف فيه دون سائر الناس.
Page 32