الوجه السادس عشر: أن الفرق بين "الولاية" بالفتح و"الولاية" بالكسر معروف، فالولاية ضد العداوة، وهي المذكورة في هذه النصوص، ليس هي الولاية بالكسر التي هي الإمارة. وهؤلاء الجهال يجعلون الولي هو الأمير، ولم يفرقوا بين الولاية والولاية. والأمير يسمى الوالي لا يسمى الولي، ولكن قد يقال: هو ولي الأمر، كما يقال: وليت أمركم، ويقال: أولو الأمر.
وأما إطلاق القول بالمولى وإرادة الولي، فهذا لا يعرف، بل يقال في الولي: المولى، ولا يقال: الوالي. ولهذا قال الفقهاء: إذا اجتمع في الجنازة الوالي والولي، فقيل: يقدم الوالي، وهو قول أكثرهم. وقيل: يقدم الولي.
فبين أن الولاية دلت على الموالاة، المخالفة للمعاداة، الثابتة لجميع المؤمنين بعضهم على بعض. وهذا ما يشترك فيه الخلفاء الأربعة وسائر أهل بدر، وأهل بيعة الرضوان، فكلهم بعضهم أولياء بعض. ولم تدل الآية على أحد منهم يكون أميرا على غيره بل هذا باطل من وجوه كثيرة، إذ لفظ "الولي" و"الولاية" غير لفظ "الوالي". والآية عامة في المؤمنين، والإمارة لا تكون عامة.
الوجه السابع عشر: أنه لو أراد الولاية التي هي الإمارة لقال : إنما يتولى عليكم الله ورسوله والذين آمنوا، ولم يقل: ومن يتول الله ورسوله، فإنه لا يقال لمن ولي عليهم وال: إنهم يقولون: تولوه، بل يقال: تولى عليهم.
Page 33