وقال: ”أيها الناس إني جئت إليكم، فقلت: إني رسول الله، فقلتم: كذبت. وقال أبو بكر: صدقت. فهل أنتم تاركو لي صاحبي“؟(¬1).
ثم إن موسى دعا بهذا الدعاء قبل أن يبلغ الرسالة إلى الكفار ليعاون عليها. ونبينا صلى الله عليه وسلم كان قد بلغ الرسالة لما بعثه الله: بلغها وحده، وأول من آمن به باتفاق أهل الأرض أربعة. أول من آمن به من الرجال أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الصبيان علي، ومن الموالي زيد.
وكان أنفع الجماعة في الدعوة باتفاق الناس أبو بكر، ثم خديجة. لأن أبا بكر هو أول رجل حر بالغ آمن به باتفاق الناس، وكان له قدر عند قريش لما كان فيه من المحاسن، فكان أمن الناس عليه في صحبته وذات يده. ومع هذا فما دعا الله أن يشد أزره بأحد: لا بأبي بكر ولا بغيره، بل قام مطيعا لربه، متوكلا عليه، صابرا له، كما أمره بقوله: { قم فأنذر، وربك فكبر، وثيابك فطهر، والرجز فاهجر، ولا تمنن تستكثر، ولربك فاصبر } [المدثر: 2-7] وقال: {فاعبده وتوكل عليه} [هود: 123].
فمن زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل الله أن يشد أزره بشخص من الناس، كما سأل موسى أني شد أزره بهارون، فقد افترى على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخسه حقه. ولا ريب أن الرفض مشتق من الشرك والإلحاد والنفاق، لكن تارة يظهر لهم ذلك فيه وتارة يخفى.
الوجه الخامس عشر: أن يقال: غاية ما في الآية أن المؤمنين عليهم موالاة الله ورسوله والمؤمنين، فيوالون عليا. ولا ريب أن موالاة علي واجبة على كل مؤمن، كما يجب على كل مؤمن موالاة أمثاله من المؤمنين.
Page 31