وقد وفد على محمد صلى الله عليه وعلى آله، والذي بقى بعده فإنما هي الخواطر والأذهان المدخرة لصاحب القيامة سلام الله عليه. فالذى يدل القرآن عليه من أبنية هذه الحروف كلها كاف شاف، والحمد لله.
ثم إنكم، يا أهل الظاهر، ما من شىء تعيبون به علينا إلا وقد ركبتم مثله، وما هو أعظم9 منه وأبعد من القياس مما استقبحتموه واستملحتموه. 92 [75] وذلك أنكم رويتم أن القرآن نزل على سبعة أحرف، كل حرف منها شاف كاف. وهو الذي قلناه وشرحنا عنه من حروف «كوني قدر» المعلوم المتعارف المستشهد عليه. فإذا أخذتم في تفسير هذا الحديث قلتم: إنه المحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ والأمر والنهي والأمثال. فما أبعده من قياس، وأجهله من استدلال! هذا الذي جئتم به غير معلوم ولا متعارف، لا في العقل ولا عند القوم الذين نزل القرآن بلغتهم، لأنك إذا قلت : إن الحلال حرف، والحرام حرف، والمحكم حرف، والمتشابه حرف، أو إذا قلت : دل هذا الحرف على أنه حلال، وهذا الحرف على أنه حرام، لم يفهم ذلك عنك إلا أن تغيره عن جهته وتفسره برأيك وقياسك الفاسد . 93 وإذا قلت: إن الكاف حرف والواو حرف فهم [76] عنك من أول وهلة من غير حاجة إلى تفسير أو تأويل . فالمعلوم المتعارف أولى من
Page 135