L'Administration islamique au zénith des Arabes
الإدارة الإسلامية في عز العرب
Genres
وهي دولة أعجمية أيضا.
وتولى المهتدي «والدنيا كلها مفتونة» فحاول إعادة الخلافة إلى رونقها، وأمر بإخراج الفتيان والمغنين والمغنيات من سامرا ونفاهم إلى بغداد، وأمر بقتل السباع وطرد الكلاب وإبطال الملاهي ورد المظالم، وجلس ليرفعها فرفعت إليه قصص في الكسور فسأل عنها فقال وزيره سليمان بن وهب شيئا في تاريخ الخراج منذ عهد عمر إلى عهد المنصور، فأجاب المهتدي: معاذ الله أن ألزم الناس ظلما تقدم العمل به أو تأخر، أسقطوه عن الناس. فقال أحدهم: إن أسقط أمير المؤمنين هذا ذهب من أموال السلطان في السنة اثنا عشر ألف ألف درهم. فقال المهتدي: علي أن أقرر حقا وأزيل ظلما وإن أجحف ببيت المال.
وكان المهتدي آخر الخلفاء الذين كانوا يتولون بأنفسهم القضاء والمظالم، وربما كانوا يجعلون القضاء والمظالم لقضاتهم كما فعل عمر مع قاضيه أبي إدريس الخولاني، وكما فعل المأمون مع يحيى بن أكثم، والمعتصم مع أحمد بن أبي داود، وربما كانت تجعل قيادة الجيوش للقضاة، وكان يحيى بن أكثم يخرج أيام المأمون بالصائفة إلى أرض الروم، وكذا منذر بن سعيد قاضي عبد الرحمن الناصر من بني أمية بالأندلس. وكانت تولية هذه وظائف إنما تكون للخلفاء أو من يجعلون ذلك له من وزير مفوض أو سلطان متغلب.
ولما هم الجند بقتل المهتدي خطبهم فقال: أما دين أما حياءكم يكون هذا الخلاف على الخلفاء، والإقدام والجرأة على الله سواء عليكم من قصد الإبقاء عليكم، ومن كان إذا بلغه مثل هذا عنكم دعا بأرطال الشراب فشربها سرورا بمكروهكم، وحبا ببواركم. ثم ذكر لهم أنه لم يصل إليه من دنياهم شيء، وأنه ليس في منازل إخوته وولده فرش أو وصائف أو خدم أو جواري ولا لهم ضياع ولا غلات. وكان حقيقة مقلا من اللباس والفرش والمطعم، وأمر بإخراج آنية الذهب والفضة من الخزائن فكسرت، وضربت دنانير ودراهم، وعمد إلى الصور التي كانت في المجالس فمحيت.
81
وجيء بالمعتمد فقسم المملكة بين ابنه وأخيه الموفق فغلب أخوه عليه وشغل هو بلذاته، وكثر دخول الزعانف في القبض على الأعمال والفتن منتشرة؛ ومن أهمها: فتنة صاحب الزنج، والموفق يقود العساكر، ويرابط ويرتب الوزراء والأمراء. وقيل: إن المعتمد احتاج إلى ثلاثمائة دينار فلم يجدها فقال:
أليس من العجائب أن مثلي
يرى ما قل ممتنعا عليه
وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيء في يديه
Page inconnue