قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا
وقوله تعالى:
وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون ، وأما الذي دعا به الناس وتحداهم به هو الكتاب العزيز، فقال تعالى:
قل لئن اجتمعت الإنس والجن على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله ولو كان بعضهم لبعض ظهيرا ، وقال:
فأتوا بعشر سور مثله مفتريات ، وإذا كان الأمر هكذا فخارقه
صلى الله عليه وسلم
الذي تحدى به الناس وجعله دليلا على صدقه فيما ادعى من رسالته هو الكتاب العزيز.
ثم يقول: ... قال - عليه السلام - منبها على هذا المعنى الذي خصه الله به: ما من نبي من الأنبياء إلا وقد أوتي من الآيات ما على مثله آمن جميع البشر، وإنما كان الذي أوتيته وحيا، وإني لأرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة. وإذ كان هذا كله كما وصفنا؛ فقد تبين لك أن دلالة القرآن على نبوته
صلى الله عليه وسلم
ليست هي مثل دلالة انقلاب العصا حية على نبوة موسى - عليه السلام - ولا إحياء الموتى على نبوة عيسى ... فإن تلك وإن كانت أفعالا لا تظهر إلا على أيدي الأنبياء، وهي مقنعة عند الجمهور، فليست تدل دلالة قطعية إذا انفردت؛ إذ كانت ليست فعلا من أفعال الصفة التي بها سمي النبي نبيا، وأما القرآن فدلالته على هذه الصفة هي مثل دلالة الإبراء على الطب، ومثال ذلك لو أن شخصين ادعيا الطب، فقال أحدهما: الدليل أني أسير على الماء. وقال الآخر: الدليل أني أبرئ المرضى. فمشى ذلك على الماء وأبرأ هذا المرضى، لكان تصديقنا بوجود الطب للذي أبرأ المرضى ببرهان، وتصديقنا بوجود الطب للذي مشى على الماء مقنعا من طريق الأولى والأحرى، ووجه الظن للذي يعرض للجمهور ذلك أن من قدر على المشي على الماء الذي ليس من وضع البشر فهو أولى أن يقدر على الإبراء الذي هو من صنع البشر.
Page inconnue