والأحوال إلا المصطفى ﷺ، قال في الدنيا: «أسلمت نفسي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك» . وقال: «أعوذ بك منك» . وأما حين كان في الحضرة فأخبر الله تعالى عنه: فحلاه ربه ﷿ إذ ذاك بأحسن حلية، وهو قوله مثنيًا عليه: ﴿وإنك لعلى خلق عظيم﴾ .
ومن الفتوة أن يرى العبد الخير كله في إخوانه. ويبرئ نفسه منه لما يعلم من شرها. سمعت جدي ﵀ يقول: سمعت أبا عبد الله السجزي يقول: لك فضل ما لم تر فضلك، وإذا رأيت فضلك فلا فضل لك. سمعت أبا الحسين الفارسي يقول: سمعت أبا علي الأنصاري يقول: سمعت الشاه بن شجاع الكرماني ﵀ يقول: لأهل الفضل فضلٌ ما لم يروه، فإذا رأوه فلا فضل لهم. ولأهل الولاية ولايةٌ. ما لم يروها، فإذا رأوها فلا ولاية لهم. وقال الشاه لأبي حفص رحمهما الله: ما الفتوة؟ قال: استعمال الأخلاق.
ومن الفتوة أن يخلص لإخوانه ظاهرًا وباطنًا ومغيبًا ومشهدًا. سمعت الحاكم أبا أحمد الحافظ يقول: قال بعض الحكماء: إن من مواجب الإخوة على الفتيان، مودة الأخ لأخيه بقلبه خالصًا، وتزينه بلسانه، ورفده بماله، وتقويمه بأدبه، وحسن الذب عنه في غيبته.
1 / 74