ولو استطعت جرحت لفظك ... عامدًا إني أراه مقبلًا شفتيك
وسئل بعضهم: كيف شفقتك ومحبتك لصديقك؟ فقال: أشتهي إذا رأيته أن لا أرى شيئًا سواه حتى أراه. وإذا سمعت كلامه أشتهي أن لا أسمع شيئًا حتى أسمعه. وأنشدت في هذا المعنى:
ولو أني استطعت غمضت عيني ... فلم أبصر بها حتى أراكا
وقال بعضهم: أضمني سرهم أيام فرقتهم ... هل كنت تعرف سرا يورث الصمما
ومن الفتوة أن يتعهد الإنسان حال من ولاه الله أمرهم، ويهمل تعهد نفسه. روي عن عبد الله بن عمر ﵄: أنه كان يشبع عبيده ويجوع، ويكسوهم ويعرى، ويؤثرهم بأسباب الإرفاق، ويقول: أهون شيء على نفسي لما اتيقن من شرها.
ومن الفتوة أن يجتنب الإنسان الغضب جملة. حكي عن معاوية بن أبي سفيان ﵀ أنه قال: ما غضبي على ما أملكه، وما غضبي على من لا أملكه. إن كنت مالكًا، فإني قادرٌ على الانتقام، فلم ألزم نفسي الغضب، وإن كنت غير مالك فلا يضره غضبي، فلم أدخل الغضب على نفسي.
ومن الفتوة أن يحفظ عليه آداب الأوقات. سمعت أبا الحسين الفارسي يقول: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد يقول: أرفع الأعمال حفظ آداب الأوقات، وهو أن لا يطالع العبد غير حده، ولا يقارن غير وقته، ولا يواقف غير ربه. وقال محمد بن علي الترمذي ﵀: ما أحدٌ قام بحفظ الأدب في كل الأوقات
1 / 73