بتقديم سنان على هريم، لأن هريمًا هو الميت، وسنان هو سنان بن عمرو ابن يربوع بن طريف بن خرشبة بن عبيد بن سعد بن كعب بن حلان بن غنم بن غني، وكان فارسًا حسيبًا وقد كان قاد ورأس، وهو صاحب ابن هدم العبسي طريد الملك، قال له الملك: كيف قتلته؟ قال: حملت عليه في الكبه - يعني معظم الجيش - فطعنته في السبه، حتى خرج الرمح من اللبه.
وهريم عم سنان، وقد قاد ورأس. وأسماء بن واقد من بني رياح بن يربوع ابن ثعلبة بن سعد بن عوف بن كعب بن حلان بن غنم بن غني، وهو من النجوم. وحصن بن يربوع بن طريف، وأمه جيدع بنت عمرو بن الأعرج بن مالك ابن سعد بن عوف. وقيس هو ابن يربوع بن طريف.
وكان قيس هذا قدم على بعض الملوك، فقال الملك: لأضعن تاجي على أكرم العرب، فوضعه على رأس قيس، وأعطاه ما شاء، ثم خلى سبيله إلى بلده. فلقيته طيء برمان وهو راجع إلى أهله فقتلوه، ثم عرفوه بعد ذلك، وذكروا أيادي كانت له عندهم فندموا، فدفنوه وبنوا عليه بيتًا.
وهو قيس بن جيدع وهي أمه، وإخوته هريم وعمرو وحصن والأعرج، أمهم جيدع بنت عمرو، وأبوهم يربوع بن طريف. وحقيل في بلاد بني أسد، قتلت فيه بنو أسد الحارث بن مويلك الغنوي، وفي بلاد عكل له حقيل وهو غير هذا الموضع، وهو الذي ذكره الراعي:
من ذي الأبارق إذ رعين حقيلا
وقوله وبالسهب هو تصحيف، والصواب: وبالشهد، يعني بديل ابن واقد. وكان أسماء وبديل ابنا واقد صاحبي الوقائع في طيئ، وأصابا عشرة كلهم يأخذ لواء قومه يقال لهم بنو حمل، فقالت أخت لهم ترثيهم:
يا عين إلا ما بكيت بني حمل ... فوارس أبطالًا على شدة الوهل
لعمري وما عمري علي بهينٍ ... لقد ذهبت منا غنيٌّ على مهل
فإن تقد الأيام غنم بن واقد ... وأسماء تثقفه الرماح على علل
ثم إن طيئًا لقيت غنيًا فأصابت بديلًا، وكان سيدًا ورئيسًا، فخاف أن تمثل به طيئ لما أوقع بهم، وكان مرداس بن مويلك يسعى في أمره ليفتديه فأبوا، فقتل نفسه، وقتلوا أسماء. فقال مرداس بن مويلك يرثي بديلًا:
تشكى إلي الأين والسام خلتي ... وتنسين ما يلقى أسير الملاقط
قال ابن السيرافي قال شقيق بن جزء الباهلي، يرد على جحل بن نضلة الباهلي
أتوعدني بقومك يا بن جحلٍ ... أشاباتٍ يخالون العبادا
بما جمعت من حضنٍ وعمروٍ ... وما حضنٌ وعمروٌ والجيادا
إذا خطرت بنو سعد ورائي ... وذادوا بالقنا عني ذيادا
قال: يخالون: يظنون أنهم عبيد، وحضن وعمرو والجياد: قبائل.
قال س: هذا موضع المثل:
كري إلى أهلك يا عجوز ... إن بياع الليل لا يجوز
هذا أفضح ما جاء به ابن السيرافي، وذلك أنه ذكر أن الجياد قبيلة، وهذا يدل على غباوة تامة وجهل ظاهر. إن الجياد ها هنا عتاق الخيل، يقول: ما هؤلاء وعتاق الخيل، أي ليسوا فرسان الخيل العتاق.
وقوله: وعنى بالعباد ها هنا العبيد، خطأ أيضًا. فإنما عنى بالعباد قومًا كانوا يجتمعون على باب النعمان خولًا من كل قبيلة. شبه هؤلاء بأولئك، أي أنهم أخلاط.
والبيت الأول فيه خبط أيضًا، وذلك أنه قال: أتوعدني بقومك يا بن جحل، وإنما الخطاب لجحل نفسه لا لابنه، فكيف يقول يا بن جحل، والصواب:
أتوعدني برهطك يا جحيلًا
وفي الأبيات التي أوردها تقديم وتأخير وخلل كثير، وستأتيك على نظامها بمعونة الله.
قال جحل بن نضلة يجيب شقيق بن جزء الباهلي:
لقد منتك نفسك يا بن جزء ... أحاميقًا سيسر عن النفادا
أردت لكي تشتت أمر قومٍ ... وحاولت القطيعة والفسادا
فمهلًا يا شقيق فإن حربي ... تكون لمن يلقحها فسادا
وكم من معشر قد حاربونا ... عبأت لهم مجلحة نآدا
فلم يك غير أن شاموا سناها ... فكان مبينها خيلًا تعادا
عليها من بني عمرو كهولٌ ... وشبان يهزون الصعادا
فظلوا يخصفونهم بسمرٍ ... كما نظمت في الجلل الجرادا
فآبوا بالرجال محنبيها ... يسوقون الطرائف والتلادا
ونصرك نازحٌ عني بطيءٌ ... كأن بكم إلى خذلي جوادا
فأجابه شقيق بن جزء فقال:
1 / 6