قال ابن السيرافي قال حميد الأرقط - وكان يهجو الضيف إذا نزل به
ومرملين على الأقتاب بزهم ... مدارعٌ وعباءٌ فيه تفنين
باتوا وجلتنا الشهريز بينهم ... كأن أظفارهم فيها السكاكين
فأصبحوا والنوى عالي معرسهم ... وليس كل النوى يلقي المساكين
قال، قوله: ليس كل النوى يلقي المساكين، يريد أن من كان شديد الجوع محتاجًا إلى الطعام وليس معه ما ينفقه، فينبغي له أن يأكل التمر مع النوى ليشبع عن قرب، ولا يأكل تمرًا كثيرًا، أراد حميد أن يأكل أضيافه التمر بنواه ولا يلقوا منه شيئا.
قال س: هذا موضع المثل:
وهل يعلم الأدواء إلا طبيبها
لم يعرف ابن السيرافي نظائر هذه الأبيات، ولم يحسن تفسير البيت الذي فسره في النوى والمساكين ومثل هذا من الشعر لا يعرفه إلا من نضج في استقراء الشعر وعني به. ونظام الأبيات:
ومرملين على الأقتاب بزهم ... حقائبٌ وعباءٌ فيه تفنين
مقدمين أنوفًا في عصائبهم ... حجنًا، ألا جدعت تلك العرانين
أعطوا التنقب في نفرٍ إذا اندفعوا ... وكل خير عليهم بعد مخزون
لا مرحبًا بوجوه القوم إذ رحلوا ... كأنهم إذ أنا خوابي الشياطين
يسطرون لنا الأخبار إذ نزلوا ... وكل ما سطروا للقم تمكين
ولو تحرزت حيث العصم عاقلةٌ ... أو حيث تلحس عن أولادها العين
ظننت لا تنتهي عنا ضيافتهم ... حتى نكون ومبدانا البساتين
أرضٌ تحم بها العقبان نابتةً ... من حيث ينبت في الصيف العراجين
باتوا وجلتنا الشهريز بينهم ... كأن أظفارهم فيها السكاكين
فأصبحوا والنوى عالي معرسهم ... وليس كل النوى يلقي المساكين
ومعنى هذا البيت الأخير أنهم قد أكلوا أكثر التمر بنواه حرصًا وشرهًا، ومع ذلك فقد كوموا معرسهم بالنوى الذي ألقوه. ويعني بالمساكين هؤلاء الضيفان، كأنهم كوموا: أي اتخذوا لأنفسهم كومة.
أشار إليهم فقال: وليس كل النوى يلقي المساكين. وهذا في الإشارة مثل قول الآخر:
سما البرق من نحو الحجاز فشاقني ... وكل حجازي له البرق شائق
أي هذا البرق بعينه.
وأخبرنا أبو الندى قال: نزل بحميد الأرقط بريد من قبل الحجاج، فقراه وأكرمه، فلما أتى بالطعام أقبل أعرابي فسلم وجلس، وجعل يسأل عن الحجاج وحاله، فقال له حميد الأرقط: كل ودع الرجل يطعم، فإنك تسأل عما ليس من بالك. وقال حميد.
إذا ما قرينا وارد المصر منهم ... تأوب ناري أصفر القعب قافل
تراءت له ناري بأروقة الحمى ... ووادي الصليب دوننا والأفاكل
قال: وأخبرنا ﵀ قال: بخلاء مضر: الحطيئة واللعين المنقري وحميد الأرقط وأبو الأسود الديلي.
قال ابن السيرافي وقال طفيل الغنوي
وكان هريمٌ من سنانٍ خليفةً ... وحصنٍ ومن أسماء لما تغيبوا
ومن قيسٍ الثاوي برمان بيته ... ويوم حقيلٍ فاد آخر معجب
وبالسهب ميمون النقيبة قوله ... لملتمس المعروف أهلٌ ومرحب
قال: هؤلاء جماعة من قوم طفيل هلكوا فرثاهم. ورمان موضع بعينه، وأراد ببيته قبره، وحقيل موضع معروف، وفاد: مات، والسهب: الفضاء من الأرض. مع هذيان شبيه بهذا.
قال س: هذا موضع المثل:
غناءٌ قليلٌ عن عجائز جوعٍ ... قراطيس في أجوافهن خطوط
هذا الذي ذكره ابن السيرافي لا يغني فتيلًا، فمعروف أن هؤلاء رجال لا جمال، وهذه مواضع لا براذع، ولكن إذا لم تعرف قصة هؤلاء الرجال وأيامهم، وأسماء هذه المنازل بأعيانها وما جرى فيها، لم يكمل معناه.
وفي البيت الأول غلط، وفي الثالث تصحيف. والصواب:
وكان سنان بن هريمٍ خليفةً
1 / 5