يعدو بنا كل معصوبٍ أسافله ... وكل شعثاء بالوعثاء محضير
كلا ورب القلاص الراقصات بنا ... عشية النفر أمثال القراقير
لا تتركن ولما نبل نجدتكم ... ولم نغاوركم ضرب المغاوير
حتى نذيقكم ضربًا بمخلصةٍ ... هنديةٍ وقتالٍ ليس بالزور
الشاتمي ومن دوني ذرا حضنٍ ... والفعل مختلبٌ والقول مأثور
أنتم مجاهيل حرامون ثاويكم ... وفي الحروب مقاليعٌ عواوير
لا تبرحون على أبواب ملأمةٍ ... تعازرون بها ما لألأ الفور
كأنكم نبطياتٌ بمزرعةٍ ... قشر الأنوف درادير مآدير
ترى صدورهم سمرًا محشرةً ... وفي أسافلهم نشرٌ وتشمير
إذ هم شعارير بالأشراف تبطحهم ... زرق الأسنة والبيض المباتير
تدعو أواخرهم أولاهم جزعًا ... والخيل مكرهةٌ والموت محذور
والمقصيات إذا ما العسر دار بنا ... والمكرمات إذا دار المياسير
والحاملاتهم في كل معتركٍ ... فيه إسارٌ وتقتيلٌ وتعفير
قال ابن السيرافي قال زياد بن واصل
فلما تبين أصواتنا ... بكين وفديننا بالأبينا
قال: يريد أنهن لما عرفن أصواتهم بكين إليهم حتى يستنقذوهن، وفد ينهم بآبائهن.
قال س: هذا موضع المثل:
يا نافثًا شر الأحاديث الكذب
يكفيك من إناخةٍ ثني الركب
كذب ابن السيرافي في تفسير هذا البيت ولم يعرف منه قليلًا ولا كثيرًا. كيف ركبن إليهم حتى يستنقذوهن وهن سبايا كما زعم.
وإنما معنى البيت: أن زيادًا افتخر في هذه الأبيات بآباء قومه وبأمهاتهم من بني عامر، وأنهم قد أبلوا في حروبهم ومعاونتهم، فلما عادوا إلى حللهم وعند نسائهم وعرفن أصواتهم فدينهم، لأجل أنهم قد أبلوا في الحروب.
والأبيات تدل على صحة هذا المعنى، وأولها - وهي لزياد بن واصل السلمي -:
عزتنا نساء بني عامرٍ ... فسمن الرجال هوانًا مهينا
ونحن بنوهن يوم الصفا ... ق إذ نقبل القوم وعثًا حزونا
بضربٍ كولغ ذكور الذئا ... ب تسمع للهام فيه رنينا
ورميٍ على كل عزافة ... ترد الشمال وتعطي اليمينا
وكنا مع الخيل حتى استوت ... شباب الرجال وسروا العيونا
ولما تبين أصواتنا ... رئمن وفديننا بالأبينا
فهذا آخر فرحة الأديب، أودعته ذكر ما عثر فيه ابن السيرافي من تفسيره أبيات كتاب سيبويه، وأوضحته وسددته، وهديت المستفيد إلى صوابه وأرشدته، ولئن صغر حجمه لقد كثر علمه، ومن تنبه فنظر بعين الإنصاف، أقر بفضل كثير من الأخلاف على الأسلاف، ولكن أكثر الناس يتعثرون في أذيال الخبط والهبط، وقلة التحصيل والبيان، وكثرة التخليط والهذيان. فأما أهل التحقيق:
فقد كنا نعدهم قليلًا ... وقد صاروا أقل من القليل
وسأتبعه من آنف ما أصنعه بما يعظم به النفع، ويهتز لروايته السمع، وفاءً لشروط الخدمة، وقضاء لحق النعمة، والله المعين على ما في النية والهمة، إنه واسع الرحمة.
أبقى لنا الله مولانا ولا برحت ... أيامنا أبدًا في ظله جددا
إن الرئيس لما يوليه من نعمٍ ... لمستحلٌّ لصيد العلم في حرمي
لا شيء أحسن من نعمى له سبغت ... شكري لها شكر روض الحرن للرهم
آخر نسخة الأصل، وهي التي رمزت إليها ب أ
تم الكتاب والحمد لله كما هو أهل، والصلاة على نبيه محمد وآله، وذلك يوم الأحد تاسع وعشرين شعبان سنة اثنتين وتسعين وخمسمئة، والحمد لله وحده، وصلواته على سيدنا محمد نبيه وآله الطاهرين وسلامه وحسبنا الله ونعم الوكيل. كملت المقابلة بحمد الله وعونه.
وآخر نسخة البغدادي، وهي التي رمزت إليها ب ب
1 / 51