ولو أنها إياك عضتك مثلها ... جررت على ما شئت نحرًا وكلكلا
وكنت يمينًا في شمالك أينما ... أشارت بها كفاك حتى تزيلا
وإن ابن عودٍ للبزيخ أناخ بي ... فجوٍّ، لقد أثويت مثوىً مضللا
قيل لأم الحكم وهي عند عبد الله: تزوجت هذا الثقفي وأنت أنت وهو هو فقالت: زوج من عود خير من قعود.
قال ابن السيرافي قال الأغلب
طول الليالي أسرعت في نقضي
أخذن بعضي وتركن بعضي
حنين طولي وحنين عرضي
أقعدنني من بعد طول نهضي
قال س: ليس هذا الرجز للأغلب، هو كغيره من شوارد الرجز. وأوله وتمامه:
أصبحت لا يحمل بعضي بعضي
منفهًا أروح مثل النقض
مر الليالي أسرعت في نقضي
طوين طولي وطوين عرضي
ثم التحين عن عظامي نحضي
أقعدنني من بعد طول نهضي
قال ابن السيرافي قال الشاعر
وأنت امرؤ من أهل نجد وأهلنا ... تهامٍ، فما النجدي والمتغور
أي أنت امرؤ مخالف لنا في المكان الذي تسكنه من الأرض، أنت من أهل نجد، ونحن من أهل تهامة، والموضعان مختلفان، فنحن لا نتفق، ويبعد ما بيننا كبعد بلادنا من بلادك.
قال س: هذا موضع المثل:
أريد هناتٍ من هنين فتلتوي ... علي، وأنى من هنين هنات
ليس معنى البيت وغرض الشاعر ما ذهب إليه ابن السيرافي، وبين الصواب وبين ما قاله ما بين جابلق وجابرس.
ومعنى البيت - وهو لجميل - أن أهلي يرتابون بك إذا وجدوك عندهم، لأنك غريب بعيد الدار منهم، فينكرون كونك بين ظهرانيهم، فيجب أن تجنب وتعرض. تحذره بني عمها. يحكي ذلك عن بثينة، والأبيات تبين لك هذا المعنى إن شاء الله، وهي من كلمة له:
وآخر عهدٍ لي بها يوم ودعت ... ولاح لنا خدٌّ نقيٌّ ومحجر
عشية قالت لا تضيعن سرنا ... إذا غبت عنا وارعه حين تحضر
ولا تعلمن الحي إن جئت زائرًا ... فإنك تبغيناه لا حين تدبر
وطرفك إما جئتنا فاحفظنه ... وزيغ الهوى بادٍ لمن كان ينظر
وأعرض إذا لاقيت عينًا تخافها ... وأظهر ببعضٍ إن ذلك أستر
فإنك إن عرضت بي في مقالةٍ ... يزد في الذي قد قلت واشٍ مكثر
وينشر قولًا في الصديق وغيره ... يعز علينا نشره حين ينشر
وما زلت في إعمال طرفك نحونا ... بعينيك حتى كاد سرك يظهر
لأهلي حتى لامني كل ناصحٍ ... شفيقٍ له قربى لدي وأيصر
وقطعني فيك الصديق ملامةً ... وإني لأعصي نهيهم حين أزجر
وما قلت هذا فاعلمن لصرمنالحبلٍ، ولا هذا بساعة أقصر
ولكنني أهلي فداؤك أتقيعليك عيون الكاشحين وأحذر
وأخشى بني عمي عليك وربما ... يخاف وينقى عرضه المتفكر
وأنت امرؤٌ من أهل نجدٍ وأهلنا ... تهامٍ، فما النجدي والمتغور
غريبٌ إذا ما جئت طالب حاجةٍ ... وحولي أعداءٌ وأنت مشهر
فقلت لها: أوصيت يا بثن كافيًا ... وكل امرئ لم يرعه الله معور
قال ابن السيرافي في تفسير قوله
ومسحت باللثتين عصف الإثمد
لم يكن الإثمد من الأشياء التي تكون في بلاد العرب، فهم لا يقفون على حقيقته. ومثل ذلك قول أبي نخيلة:
برية لم تأكل المشققا
ولم تذق من البقول الفستقا
قال س: صحف ابن السيرافي في البيت الذي استشهد به، فجعل النقول وهي بالنون البقول بالباء، لأجل ما يقول هو وغيره أن أبا نخيلة توهم أن الفستق من البقول. ولم يكن أبو نخيلة ممن لا يعرف الفستق، فقد عرفه ممن هو أقدم منه وهو أبو القمقام بن مصعب الأسدي.
وإنما معنى قول أبي نخيلة: أن هذه المرأة البدوية لا تأكل الرقاق، ولا تتنقل بالفستق متاع الحضريات، إنما تغذى بألبان اللقاح المحض والقارص، كما قال بشر:
غذاها قارصٌ يجري عليها ... ومحضٌ حيث تنبعث العشار
وأبيات أبي القمقام:
أعد نعلين لرجلي هدلق
إنك إلا تحذه يفرق
شعب شياهٍ عشن بالتعلق
وقل له خيرًا وإن لم تصدق
1 / 42