والدليل على وجوبه وعلى أن ذاته لا يخل به الاعتبار هو ما يكون المكلف معه أقرب إلى أداء الواجب، وترك القبيح لا ما يزال به أو بغيره والدليل على أنه لا بد في الألم من مجموع العوض والاعتبار أما العوض فقد تقدم دليله من جهة العقل واستدل هاهنا على أنه لا بد منه للمؤلم ما أسمع لأنه أشار بقوله (بدليل ما تمنى أهلها في الآخرة للزيادات) نشير إلى قوله -صلى الله عليه وآله وسلم- [ ]"يتمنى أهل البلاء في الآخرة لو كان الله تعالى زادهم بلا تعظم ما أعد لهم في الآخرة "(1) واستدل على أن الله تعالى يريد ما لامتحان العوض والاعتبار بقوله "وثبوت الفتنة وأنهم يفتنون"[ ]{........ص13} (2) بمعنى الامتحانات يعني في قوله تعالى [ ] { أو لا ترى انهم يفتنون كل عام مرة أو مرتين } الآية (3) [13أ-أ] فأخبر عز وجل أنه يمتحنهم لعوض أنهم يتوبوا أو يذكروا، والدليل على أنها هنا بمعنى الامتحانات أن لها معان هذا أحدها ولا يستقم هاهنا غيره والتحريف(4) كقوله: [ ] { يوم هم على النار يفتنون } (5) ومنها الكفر الإغواء عن الدين نحو [ ] { لا يفتننهم الشيطان } (6)ومنها الكفر نحو[ ] { وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة } (7) أي كفر وضلال ومنها الامتحان شاهدة ما ذكرناه ولا يستقيم في الآيات غير مما ذكرنا لأنه لا ينحرف في البنيان ولا غوي من جهة الله ولا تكرير كفر بل هو مرة مستمرة فثبت أنها معنى الامتحان وأن الله تعالى لا يريد بالامتحان الاعتبار فإن قلت: وما الدليل أنه لا بد في الامتحان من مجموع العوض والاعتبار.
قلت: أما العوض فقد تقدم وأما الاعتبار فلأنه لو لم يحصل مع الألم لكان الله تعالى في ذلك كمن يصير زيدا ينفعه منفعة بليغة مع أنه يمكنه بفعله له بذلك من دون مضرة فثبت أنه لو خلا من العوض كان ظلما وإن خلا من الاعتبار كان عبثا فثبت أنه لا بد من مجموعها، فإن قلت: وكم حد الاعتبار والعوض؟.
قلت: فتكفيك حقيقته وأما العوض فلا بد أن تكون أضعافا تحدث لو خير المعوض بين الألم والصحة لاختار الألم لأجل ما يحصل في مقابلته هذا إذ كانت من جهة الله تعالى لأنه المهم من دون رضاهم فلا بد مما ذكرنا وإن كان عوضا مستحقا على مخلوق كان مساويا لا غير لأنه يجري مجرى أروش الجنايات. وإن قلت: أجب بفضل عوض المكلفين وعزهم وكيفية الانتصاف منهم.
Page 54