قلت: إن الجسم لا يمكنه إلى لفعل في غيره إلا باب يعمد عليه، ونحن عند الألم لا نحس اعتماد متعمد علينا فإن قلت: فما يبطل قول سائر المطرفية قلت: نقول سلمنا أنا مؤثرا في هذه الآلام هو بعض الأجسام بأن يلامسه المؤلم أو يواكله أو نحو من ذلك لكن تأثير الآلام على سبيل الإيجاب فلا يتخلف الألم عنه متى حصل كما لا يتخلف المعلوم عند حصول العلة، والمعلوم أنه قد يتخلف فقد تأكل الجماعة شيئا فيؤلم البعض دون البعض بطاون الأرض الوبية فيألم البعض دون البعض، وإن قالوا بالإحسان لم يفرقوا بينها وبين الواحد منا لأن الألم فعل ليكون الجماد قادرا والمعلوم خلافه فيثبت بهذا أن الله أجرى العادة في بعض الأجسام أنه متى أكل أو لمس حصل ألم من جهة الله تعالى لا من جهته وإنحراف العادة جائز فثبت ما قلناه.
وأما بنسبة الفعل إليها بعد أن دل الدليل على أنها فاعلة فعلى سبيل المجاز البليغ وهو كثير منه قوله (من يزيد أن ينقص) ولا خلاف من أن الحداد لا يزيد قوله (وهي غير قبيحة بل حسان) هذا مذهبنا وقال بقبحها من تقدم والدليل على حسنها قوله: الامتناع حادها الأعواض والاعتبارات قد تقدم حقيقة العوض.
Page 52