Philosophie du plaisir et de la douleur
فلسفة اللذة والألم
Genres
Lucian » على الأخص، ولا شبهة في أن رومية في ذلك العهد كانت تقدس العرف ولا تستهين بالتقاليد، وإذن يكون انحراف بعض رجال المذهب وتطرفهم ظاهرة ليست من أصوله في شيء، بل هي نزعة فردية نماها بعض رجاله، تطرفا في تطبيق بعض المبادئ. (10) فرق بين أبيقور وأرسطبس
مما يدل أوضح دلالة على الأثر الذي خلفه المذهب القوريني في عالم الفكر، وامتداد أثره فيه؛ أن تأثير المذهب الأبيقوري على الفكرة «المحافظة» ظل قائما خلال أجيال عديدة، حتى لقد ظهر أثره في الحياة العقلية التي كانت تتجه نحو الجمود في العالم الإغريقي، ومن المعلوم أن المذهب الأبيقوري ليس إلا صورة محورة من المذهب القوريني.
ففي العصر الذي ظهر فيه متأخرو القورينيين، كان أبيقور يضع أساس صورة جديدة من المذهب أكثر رصانة وأبعد غورا من الصورة التي تطور إليها المذهب في أخريات أيامه، حتى أنك لا تسمع بعد القرن الثالث بعد الميلاد شيئا عن المذهب القوريني منفصلا عن المذهب الأبيقوري.
34
أما الأثر الذي ظهر في المذهب الأبيقوري موروثا عن المذاهب السقراطية التي تقدمت نشوء هذا المذهب، فيرجع إلى الكلبيين والقورينيين معا، فهما مذهبان تحررا من كل الأديان، ومن كل السوابق التقليدية التي اصطلحت عليها الجمعية الإنسانية، وابتعدا عن التسليم بالمعتقدات العامة اعتباطا، لذلك تجد أن أنطثنيز مؤسس المدرسة الكلبية (400ق.م) إن كان من تلاميذ سقراط، فإنه كان من المنكرين لعقيدة التكثير، ومن النابذين لفكرة الأنثروپومورفية
Anthropomorphism ؛ أي «التشبيه» كما ترجمها العرب واصطلحوا عليها، ويقصد بها فكرة تزويد الله بالخصائص الإنسانية.
35
أما مذهب أبيقور الأخلاقي في مجمله فليس إلا تحويرا في المذهب القوريني، لهذا نجد أن أبيقور عندما أراد أن يعرف «اللذة» لم يعرفها كما عرفها أرسطبس بأنها حركة لطيفة، بل رجع إلى الصورة السلبية من اللذة، فقال بأن اللذة هي التحرر من الألم، غير أنه مع هذا لم ينكر ناحية اللذة الإيجابية، ولكنه جزم بأن الناحية السلبية - وقصد بها راحة العقل - أساسية في الأخلاق، في حين أن «الحركة اللطيفة» التي تتكون منها اللذة الإيجابية أمر ثانوي يأتي عفوا،
36
فالرغبة غير المكفية ألم، والألم يحطم هدوء العقل، ولهذا السبب وحده يجب أن نقنع رغباتنا، ومن هذه الطريق تصبح اللذة الإيجابية جزءا من الخير الأسمى.
Page inconnue