وصيّرته ملكا هماما [١]
(رجز) يعني أنه بعقله وبنفسه صار رئيسا، وقوله عظاميّ يعني أنه يفتخر بالآباء والأجداد والعظام النّخرة. قال العسجديّ [٢] لبعض أصحاب ابن العميد [٣] ذي الكفايتين: كيف رأيت الوزير؟ فقال: رأيته يابس العود، ذميم العهود، سيّئ الظنّ بالمعبود. فقال العسجديّ: أما رأيت تلك الأبّهة والصّيت، والموكب والتجمّل الظاهر والدار الجليلة والفرش السنيّ، والحاشية الجميلة؟ فقال ذلك الرجل: الدولة غير السؤدد والسلطنة غير الكرم، والحظّ غير المجد. أين الزوّار والمنتجعون؟
وأين الآملون والشاكرون؟ وأين الواصفون الصادقون؟ وأين المنصرفون الرّاضون وأين الهبات وأين التفضلات؟ وأين الخلع والتشريفات؟ وأين الهدايا وأين الضّيافات هيهات هيهات لا تجيء الرئاسة بالتّرهات، ولا يحصل الشرف بالخزعبلات! أما سمعت قول الشاعر:
أبا جعفر ليس فضل الفتى ... إذا راح، في فرط إعجابه
ولا في فراهة برذونه [٤] ... ولا في ملاحة أثوابه
ولكنّه في الفعال الجميل ... والكرم الأشرف النّابه
(متقارب) ولمؤلّف هذا الكتاب- أصلح الله شأنه، وصانه عمّا شأنه- في هذا المعنى
ليس فضل الفتى على النّاس في ثوب ... ودار وبغلة ولجام
إنّما الفضل في تفقّد جار ... ونسيب وصاحب وغلام
(خفيف)
_________
[١] عصام: حاجب الملك النعمان، والبيت المذكور من أمثال العرب للفتى الّذي يسمو بجدّه وكدّه معتمدا على نفسه وحدها.
[٢] العسجديّ: لم نعثر له على ترجمة في المراجع القريبة. ويبدو أنه متأدب في مجالس الأمراء والوزراء كابن العميد.
[٣] ابن العميد: أبو الفضل، محمّد وزير وشاعر وأديب. توفي ٣٦٦ هـ.
[٤] البرذون: البغل. الدابّة من الخيول التركيّة. فراهة البرذون: نشاطه.
1 / 55