98

Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

الدرر في اختصار المغازي والسير

Chercheur

الدكتور شوقي ضيف

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣ هـ

Lieu d'édition

القاهرة

الْأَخْنَس بْن شريق الثَّقَفِيّ حَلِيف بني زهرَة بِجَمِيعِ بني زهرَة، فَلم يشْهد بَدْرًا أحد مِنْهُم، وَكَانَ الْأَخْنَس مُطَاعًا فيهم، فَقَالَ لَهُم: إِنَّمَا خَرجْتُمْ تمْنَعُونَ أَمْوَالكُم وَقد نجت. وَكَانَ قد نفر من جَمِيع بطُون قُرَيْش جمَاعَة إِلَّا عدي١ بْن كَعْب، فَلم يكن نفر مِنْهُم أحد. فَلم يحضر بَدْرًا من الْمُشْركين عدوي وَلَا زهري.
فَسبق رَسُول اللَّه ﷺ قُريْشًا إِلَى مَاء بدر، وَمنع قُريْشًا من السَّبق إِلَيْهِ مطر -أنزل اللَّه عَلَيْهِم عَظِيم. وَلم يصب مِنْهُ الْمُسلمين إِلَّا مَا شدّ٢ لَهُم دهس الْوَادي، وَأَعَانَهُمْ على السّير. فَنزل رَسُول اللَّه ﷺ على أدنى مَاء من مياه بدر إِلَى الْمَدِينَة، فَأَشَارَ عَلَيْهِ الْحباب بْن الْمُنْذر بْن عَمْرو بْن الجموح بِغَيْر ذَلِك، وَقَالَ لرَسُول اللَّه: أَرَأَيْت هَذَا الْمنزل أَمَنْزِلٌ أَنْزَلَكَهُ اللَّه فَلَيْسَ لنا أَن نتقدمه أَو نتأخر عَنهُ أم هُوَ الرَّأْي وَالْحَرب والمكيدة؟ فَقَالَ ﵇: "بل هُوَ الرَّأْي وَالْحَرب والمكيدة". فَقَالَ: يَا رَسُول اللَّه إِن هَذَا لَيْسَ لَك بمنزل، فانهض بِنَا حَتَّى نأتي أدنى مَاء من الْقَوْم فننزله، ونغور مَا وَرَاءه من الْقلب٣، ثمَّ نَبْنِي عَلَيْهِ حوضا، فنملؤه مَاء فنشرب وَلَا يشربون. فَاسْتحْسن رَسُول اللَّهِ ﷺ ذَلِك من رَأْيه، وَفعله. وَبُنِيَ لرَسُول اللَّه ﷺ عَرِيش يكون فِيهِ. وَمَشى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ على مَوَاضِع الْوَقْعَة يعرض على أَصْحَابه مصَارِع رُؤُوس الْكفَّار من قُرَيْش مصرعا مصرعا، يَقُول: "هَذَا مصرع فلَان"، فَمَا عَدَا وَاحِد مِنْهُم مَصْرَعَهُ ذَلِك الَّذِي حَدَّهُ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ. فَلَمَّا نزلت قُرَيْش فِيمَا يليهم بعثوا عُمَيْر بْن وهب الجُمَحِي، فحزر لَهُم أَصْحَاب رَسُول اللَّهِ ﷺ وَكَانُوا ثَلَاثمِائَة وَبضْعَة عشر رجلا مِنْهُم فارسان: الْمِقْدَاد وَالزُّبَيْر. ثمَّ انْصَرف، وَأَرَادَ حَكِيم بْن حزَام وَعتبَة بْن ربيعَة قُريْشًا على الرُّجُوع وَترك الْحَرْب، وراما بهم كل مرام، فَأَبَوا. وَكَانَ أَبُو جهل هُوَ الَّذِي أَبى ذَلِك وساعدوه على رَأْيه.
وبدأت الْحَرْب، فَخرج عتبَة بْن ربيعَة وَشَيْبَة بْن ربيعَة والوليد بْن عتبَة يطْلبُونَ البرَاز، فَخرج إِلَيْهِم عَوْف ومعوذ ابْنا عفراء وَعبد اللَّه بْن رَوَاحَة الْأنْصَارِيّ. فَقَالُوا: لَسْتُم لنا بأكفاء، وأبوا إِلَّا قَومهمْ، فَخرج إِلَيْهِم حَمْزَة بْن عَبْد الْمطلب وَعبيدَة بن الْحَارِث وَعلي

١ هم عشيرة عمر بن الْخطاب.
٢ فِي ابْن هِشَام وَغَيره: لبد. والدهس: الْمَكَان السهل اللين لَيْسَ برمل وَلَا تُرَاب وَلَا طين.
٣ الْقلب: جمع قليب وَهُوَ الْبِئْر.

1 / 105