Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies
الدرر في اختصار المغازي والسير
Chercheur
الدكتور شوقي ضيف
Maison d'édition
دار المعارف
Numéro d'édition
الثانية
Année de publication
١٤٠٣ هـ
Lieu d'édition
القاهرة
إِلَى بدر يَلْتَمِسُونَ الْخَبَر، فَأَصَابُوا راوية١ لقريش، فِيهَا أسلم غُلَام بني الْحجَّاج السهميين وَأَبُو يسَار عريض غُلَام بني سعيد بْن الْعَاصِ بْن أُميَّة. فَأَتَوْا بهما وَرَسُول اللَّه ﷺ قَائِم يُصَلِّي، فسألوهما: من أَنْتُمَا؟ فَقَالَا: نَحن سقاة قُرَيْش. فكره أَصْحَاب رَسُول اللَّه ﷺ هَذَا الْخَبَر وَكَانُوا يرجون أَن يَكُونَا من العير لما فِي العير من الْغَنِيمَة وَقلة المئونة وَلِأَن شَوْكَة قُرَيْش شَدِيدَة. فَجعلُوا يضربونهما. فَإِذا آلمهما الضَّرْب قَالَا: نَحن من عير أبي سُفْيَان. فَسلم رَسُول اللَّهِ ﷺ من صلَاته، وَقَالَ: "إِذا صَدَقَاكُمْ ضربتموهما وَإِذا كَذَبَاكُمْ تركتموهما". ثمَّ قَالَ لما رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "أخبراني أَيْن قُرَيْش؟ " قَالَا: هم وَرَاء هَذَا الْكَثِيب. فَسَأَلَهُمَا: "كم ينحرون كل يَوْم من الْإِبِل؟ " قَالَا: عشرا من الْإِبِل يَوْمًا وتسعا يَوْمًا، فَقَالَ رَسُول اللَّهِ ﷺ: "الْقَوْم مَا بَين التسْعمائَة إِلَى الْألف".
وَكَانَ بسبس بْن عَمْرو وعدي بْن أبي الزغباء اللَّذَان بعثهما رَسُول اللَّه ﷺ مستخبرين قد وصلا إِلَى مَاء بدر، فأناخا بِقرب المَاء، ثمَّ استقيا فِي شنهما٢ ومجدي بْن عَمْرو بقربهما لم يفطنا بِهِ. فَسمع بسبس وعدي جاريتين من جواري الْحَيّ وإحداهما تَقول لِلْأُخْرَى: [أعطيني دَيْنِي، فَقَالَت الْأُخْرَى] ٣ إِنَّمَا تَأتي العير غَدا أَو بعد غَد، فأعمل لَهُم ثمَّ أقضيك. فصدقهما مجدي وَكَانَ عينا لأبي سُفْيَان -وَرجع بسبس وعدي إِلَى النَّبِي ﷺ فَأَخْبَرَاهُ بِمَا سمعا.
وَلما قرب أَبُو سُفْيَان من بدر تقدم وَحده، حَتَّى أَتَى مَاء بدر، فَقَالَ لمجدي: هَل أحسست أحدا؟ فَقَالَ: لَا إِلَّا راكبين أناخا إِلَى هَذَا التل واستقيا المَاء ونهضا. فَأتى أَبُو سُفْيَان مناخهما، فَأخذ من أبعار بَعِيرَيْهِمَا، فَفَتَّهُ، فَإِذا فِيهِ النَّوَى، فَقَالَ: هَذِه وَالله علائف يثرب. فَرجع سَرِيعا حذرا فصرف العير عَن طريقها، وَأخذ طَرِيق السَّاحِل، فنجا، وَأوحى٤ إِلَى قُرَيْش يُخْبِرهُمْ بِأَنَّهُ قد نجا هُوَ وَالْعير، فَارْجِعُوا. فَأبى أَبُو جهل، وَقَالَ: وَالله لَا نرْجِع حَتَّى نرى مَاء بدر وَنُقِيم عَلَيْهِ ثَلَاثًا، فتهابنا الْعَرَب أبدا. وَرجع
_________
١ لراوية: الْإِبِل الَّتِي تحمل المَاء.
٢ شنهما: قربتهما.
٣ زِيَادَة من ابْن حزم للسياق.
٤ أوحى: بعث رَسُولا.
1 / 104