Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

Ibn Abd al-Barr d. 463 AH
219

Les Perles en abrégeant les campagnes et les biographies

الدرر في اختصار المغازي والسير

Chercheur

الدكتور شوقي ضيف

Maison d'édition

دار المعارف

Numéro d'édition

الثانية

Année de publication

١٤٠٣ هـ

Lieu d'édition

القاهرة

يَقُول: "أَيهَا النَّاس، إِلَى أَيْن أَيهَا النَّاس؟! أَنا رَسُول اللَّه، وَأَنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ". وَأمر الْعَبَّاس وَكَانَ جهير الصَّوْت أَن يُنَادي: "يَا معشر الْأَنْصَار، يَا أَصْحَاب الشَّجَرَة"، وَبَعْضهمْ يرويهِ: "يَا أَصْحَاب السَّمُرَةِ". وَقد قيل إِنَّه نَادَى يَوْمئِذٍ: "يَا معشر الْمُهَاجِرين"، كَمَا نَادَى: "يَا معشر الْأَنْصَار". فَلَمَّا سمعُوا الصَّوْت أجابوا: لبيْك، لبيْك. وَكَانَت الدعْوَة أَولا يَا للْأَنْصَار، ثمَّ خصصت بِأَخَرَةٍ١ يَا للخزرج. قَالَ ابْن شهَاب: وَكَانُوا أَصْبِر عِنْد الحروب. فَلَمَّا ذَهَبُوا ليرجعوا كَانَ الرجل مِنْهُم لَا يَسْتَطِيع أَن ينفذ ببعيره لِكَثْرَة الْأَعْرَاب المنهزمين، فَكَانَ يَأْخُذ درعه فيلبسها، وَيَأْخُذ سَيْفه ومجنه، ويقتحم عَن بعيره [ويخلي٢ سَبيله] ويكر رَاجعا إِلَى رَسُول اللَّه ﷺ، حَتَّى إِذا اجْتمع حواليه ﷺ مائَة رجل أَو نحوهم استقبلوا هوَازن بِالضَّرْبِ. واشتدت الْحَرْب وَكثر الطعْن والجلاد، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ فِي ركائبه، فَنظر إِلَى مجتلد٣ الْقَوْم، فَقَالَ: "الْآن حمي ٤ الْوَطِيس". وَضرب عليُّ بْن أبي طَالب عرقوب جمل صَاحب الرَّايَة أَو فرسه فصرعه، وَلحق بِهِ رجل من الْأَنْصَار، فاشتركا فِي قَتله. وَأخذ عَليّ الرَّايَة، وَقذف اللَّه ﷿ فِي قُلُوب هوَازن الرعب حِين وصلوا إِلَى رَسُولُ اللَّهِ ﷺ، وَذَلِكَ أَن رَسُول اللَّه ﷺ إِذْ واجههم وواجهوه صَاح بهم صَيْحَة وَرمى فِي وُجُوههم بالحصا، فَلم يملكُوا أنفسهم، وَفِي ذَلِك يَقُول اللَّه ﷿: ﴿وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ . [و] ٥ روينَا من وُجُوه عَن بعض من أسلم من الْمُشْركين مِمَّن شهد حنينا قَالَ: وَقد سُئِلَ عَن يَوْم حنين: لَقينَا الْمُسلمين فَمَا لبثنا أَن هزمناهم وأتبعناهم حَتَّى وصلنا إِلَى رجل رَاكب على بغلة بَيْضَاء، فَلَمَّا رآنا زجرنا زَجْرَة وانتهرنا، وَأخذ بكفه حصا أَو تُرَابا، فرمانا بِهِ، وَقَالَ: شَاهَت الْوُجُوه شَاهَت [الْوُجُوه] فَلم تبْق عين إِلَّا دَخلهَا من ذَلِك. فَمَا ملكنا أَنْفُسنَا أَن رَجعْنَا على أعقابنا.

١ فِي الأَصْل: الْأُخْرَى. ٢ زِيَادَة من ابْن هِشَام. ٣ مجتلد الْقَوْم: مَكَان جلادهم وعراكهم. ٤ الْوَطِيس: التَّنور. والاستعارة وَاضِحَة. وَهِي من الْكَلم الَّتِي لم يسْبق إِلَيْهَا الرَّسُول. ٥ زِيَادَة للسياق وَفِي ر: روينَاهُ.

1 / 226