اجعل فضل ذلك فيما بينك وبين الرب عز وجل الذي ترجوه شكر النعمة، ثم إنك قد وليت اليوم أمرا عظيما ليس يليه غيرك دون الله عز وجل أحد فإن استعطت أن تغبن من كان قبلك ولا تخسر نفسك وأهلك يوم القيامة فافعل ولا قوة إلا بالله فإنه قد كان قبلك فيما مضى رجال عملوا ما عملوا وأماتوا ما أماتوا وأحيوا ما أحيوا حتى ولد في ذلك رجال ونشؤوا وظنوا أنها هي السنة فلم يسدوا على العباد باب الرخاء إلا فتح الله باب بلاء، فإن استطعت أن تفتح عليهم أبواب الرخاء فافعل فإنك لن تفتح منها بابا إلا سد به عنك باب بلاء ولا يمنعك من نزع عامل أن تقول لا أجد من يكفيني عمله فإنك [إن] كنت تعمل لله وتفزع لله أتاح الله لك أعوانا وأتى بهم.
وإنما قدر العون بقدر النية فمن تمت نيته تم عون الله إياه ومن قصر من النية قصر من العون بقدر ذلك فإن استطعت أن تجيء يوم القيامة لا يتبعك أحد بمظلمة ويجيء من قبلك وهم غابطون لك بقلة أتباعك فافعل ولا قوة إلا بالله، فإنهم قد لقوا الله وعالجوا نزع الموت وعاينوا هول المطلع وانفقأت أعينهم التي كانت لا تنقضي لذتها وانشقت بطونهم التي كانوا لا يشبعون فيها واندقت رقابهم غير متوسدة بعد ما تعلم من تظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم، وصاروا جيفا في بطون الأرض تحت أكامها لو كانوا إلى جنب مساكين تأذوا من ريحهم بعد إنفاق ما لا يحصى من الطيب كان ذلك إسرافا وتغييرا عن حق الله فإنا لله وإنا إليه راجعون.
ما أعظم الذي ابتليت به يا عمر فاقطع الذي سيق إليك من أمر هذه الأمة بالعدل، ومن بعثت من عمالك فازجره زجرا شديدا شبيها بالعقوبة عن أخذ الأموال وسفك الدماء إلا بحقها.
المال المال يا عمر.
الدم الدم يا عمر، فإنه لا عدة لك من هول جهنم من عامل بلغك ظلمه ولم تغيره.
Page 181