ولله فضل في العقول وفي القوى ... والرزق لا في الكفر والعدوان وكلامه رحمه الله كثير، وتفصيل أقوال المطرفية في هذا الشعر لا أن هذا مقدار قليل يكفي في الدلالة على ما رواه، ليتضح للعامي المغفل أنهم على هذا المذهب الردي، فإن من شياطينهم في زمننا من عطف على إنكار ذلك، وعلى القول بأنهم ما يقولون بهذه الأقوال الفاحشة، لسبب قد ظهر في الإسلام من ذمهم ولعنهم، والبراءة منهم، وإلا فكان الواحد منهم قبل إجراء الأحكام عليهم التي أجراها أمير المؤمنين المنصور بالله عبد الله بن حمزة عليه السلام يتشرف أن تنسب إليهم، ويرى له الحظ الأوفر في النسبة إلى مذهبهم، لما كان قد وهن من الدين ببدعتهم، وكثرة ميل العوام إلى نصرهم، فلما جرت عليهم أحكام الله تعالى على يد أمير المؤمنين المنصور بالله عليه السلام من القتل والسبي، وغير ذلك نفر أكثر الناس عنهم، فكتم بعضهم مذهبه وربما كتم بعضهم بعد ذلك نسبته إلى المطرفية لذلك، وإن أظهر أنه منهم فقد ينكر كونه منهم، قائلين بهذا المذهب القبيح مخافة من الذم من المسلمين، وإلا فمذهبهم ظاهر بين، ومما قال أيضا عبد الله بن القاسم رحمه الله مجيبا لشريح، وكان شريح هذا هو أحد كبارهم وعظمائهم، قال عبد الله بن القاسم:
أما والذي أرجوه ما زلت منكرا ... على من بغى في الدين واعتاب وافترى
فما الحق بالخافي على ذي بصيرة ... ولكن أديانا مع الدين تفترى
هوا وتقليدا وبغيا وطاعة ... لمن لم يزل في دينه متحيرا
وفي العقل إجماع من الخلق كلهم ... به احتج مولانا على كل من درى
من قال إن القلب لله حجة ... فلم ويله سماه في النحل منكرا
وسماه مطبوعا وسماه قاسيا ... وسماه أعمى بعد ما كان مبصرا
وأسمعت في الأسماء إن كنت جاهلا ... بمذهب سوقسطا الذي كان أظهرا
وخالفت فيها بعد يحيى وقاسما ... وزيدا وزين العابدين وحيدرا
ومولاك والتنزيل والخلق كلهم ... فبالاسم صلى الكل منهم وكبرا
سلوا كل من صلى من الناس كلهم ... وعبسا وهمدان الكرام وحميرا فلله أسماء دعوا ربهم بها ... وصلوا بها عن كل فرض مكررا
Page 49