(قال الفقيه) رحمه الله: يكره للرجل أن يصور صورة مما لها روح ولا بأس بأن يصور شيئا مما لا روح له مثل الأشجار ونحوها: وروي عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة ويقال لهم أحيوا ما خلقتم)) وروى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((قال الله تعالى (ومن أظلم ممن يخلق كخلقي))) وروى مجاهد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة فإما أن يقطع رأسها أو تبسط)) وروى ((أنه كان على باب بيت عائشة رضي الله تعالى عنها ستر معلق عليه تماثيل، فنزل جبريل عليه السلام فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب أو تماثيل فإما أن تقطعوا رؤوسها أو تبسطوها بسطا)).
(قال الفقيه) وبه نأخذ، فلا بأس بأن تبسط الثياب التي عليها تماثيل. وروي عن عطاء وعكرمة أنهما قالا: إنما كره من التماثيل ما نصب نصبا فأما ما وطئته الأقدام فلا بأس به.
الباب الحادي والسبعون: في تزويج الزانية
(قال الفقيه) رحمه الله: اختلف الناس في نكاح الزانية. قال بعضهم لا يجوز. وقال عامة أهل العلم يجوز وبه نأخذ. أما حجة الطائفة الأولى فإن الله تعالى قال {وأحل لكم ما وراء ذلكم أن تبتغوا بأموالكم محصنين غير مسافحين} أي غير زانين فأباح الله تعالى نكاح غير المسافحين فثبت بهذا أن نكاح الزانية باطل، ولأن الله تعالى قال {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} إلى قوله تعالى {وحرم ذلك على المؤمنين} فحرم نكاح الزواني على المؤمنين. وروي عن بعض الصحابة أنه سئل عن رجل زنى بامرأة ثم تزوجها قال هذا أشر من الأول، وروي عن عائشة رضي الله تعالى عنها أنها سئلت عن رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فكرهته. وأما من قال بأنه يجوز فحجته ما روي عن عبد الله بن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه سئل عن رجل زنى بامرأة ثم تزوجها فقال أوله سفاح وآخره نكاح والنكاح مباح فلا يحرم السفاح النكاح، وقال هذا بمنزلة من أكل من نخلة إنسان في أول النهار ثم اشتراها في آخره، وأما تأويل قوله تعالى {الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة} فقال سعيد بن جبير والضحاك: معناه الزاني لا يزني إلا بزانية مثله، وهكذا روي عن عبد الله بن عباس، وقد قيل إن الآية منسوخة لأن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ((فقال إن امرأتي لا ترد يد لامس، فقال طلقها، فقال إني أحبها، فقال أمسكها)).
الباب الثاني والسبعون: في تفضيل الفقير على الغني
Page 357