(قال الفقيه) رحمه الله: قد اختلف الناس في أمره ((قال بعضهم: إنه محبوس، ويخرج في آخر الزمان، وقال بعضهم: إنه لم يولد بعد وسيولد في آخر الزمان ويخرج ويدعو الناس إلى عبادة نفسه فيتبعه من اليهود ما لا يحصى، ويطوف بالبلدان ويفتن كثيرا من الناس، ثم ينزل عيسى ابن مريم عليه السلام فيقتله في باب لد في بيت المقدس. ويظهر الإسلام في جميع الأرض، والله أعلم.
الباب التاسع والستون: في حد الكلام
(قال الفقيه) رحمه الله: ينبغي للعاقل أن يكون كلامه بالوزن ويكون كلامه في موضعه ولا يتكلم بما لا يعنيه فإنه إذا اشتغل بما لا يعنيه فاته ما يعنيه، ولا يجيب عما لا يسأل فإن ذلك علامة لخفة الرجل وقلة عقله وجهله. ولا ينبغي للعاقل أن يغضب على ما لا فائدة فيه فإنه يقال علامة جهل الرجل أن يقذف الدواب ويشتمها فإن الدواب لا تعرف نداء ولا دعاء فالاشتغال بقذفهن وشتمهن جهل تام: وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ((أنه سمع رجلا يلعن الريح فقال صلى الله عليه وسلم من لعن شيئا لم يكن أهلا لها رجعت اللعنة عليه)) وروى أبو المليح عن أبيه ((أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كان رديفه على دابته فعثرت بهما الدابة فقال الرجل تعس الشيطان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تقل تعس إبليس فإنه عند ذلك يتعاظم حتى يكون ملء البيت ولكن قل بسم الله فإنه يصغر حتى يكون مثل الذباب)) وروى سماك بن حرب عن أبي لفافة العدوي قال: أخذت بكرا ودخلت المدينة وأنا أريد بيعه، فمر بي أبو بكر الصديق رضي الله تعالى عنه فقال يا أعرابي أتبيع البكر؟ فقلت نعم يا خليفة رسول الله، قال بكم تبيعه؟ قلت بمائة وخمسين: قال تبيعه بمائة؟ فقلت لا عافاك الله، قال لا تقل لا عافاك الله ولكن قل: لا وعافاك الله، فقد علمه حد الكلام: يعني لا تقل لا عافاك الله فإنه يشبه الدعاء بنفي العافية. وينبغي للعاقل إذا سمع حديثا أنكره ولم يكن سمعه أن لا يقول الحديث كذب ولا يقول أيضا هو صدق لأنه لو صدقه فلعله يكون كذبا ولو كذبه فلعله يكون صدقا، ولكن يقول لم يبلغني هذا الحديث ولا أعرفه. وروى يحيى عن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال ((كان أهل الكتاب يقرءون التوراة بالعبرانية ويفسرونها بالعربية لأهل الإسلام))، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا تصدقوا أهل الكتاب ولا تكذبوهم، ولكن قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل من قبل)) وسئل بعض المتقدمين عن رجل قيل له أتؤمن بفلان النبي فسماه باسم لم يعرفه فلو قال نعم فلعله لم يكن نبيا فقد شهد بالنبوة لغير نبي ولو قال لا فلعله نبي فقد جحد نبيا من الأنبياء فكيف يصنع؟ قال ينبغي أن يقول إن كان نبيا فقد آمنت به. وروي عن أبي نصر محمد سلام أنه كان إذا سئل عن مسألة في الكلام أبى أن يجيب فقيل له إذا أشكلت علينا مثل هذه المسائل كيف نقول فيها؟ قال قولوا آمنا بالله وبجميع ما أراد الله وبجميع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وبجميع ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم .
الباب السبعون: في النهي عن التصاوير
Page 356