روي عن ابن سرين أنه قال: كان ابن عمر يأمر بالخلال ويقول إذا ترك وهن الأضراس، وروي عن جابر عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: لا تغتسلوا بالماء المشمش فإن ذلك يورث البرص، ولا تخللوا بالقصب فإنه يورث الأكلة. وقال الأوزاعي: لا تخللوا بالآس فإن ذلك يورث عرق النساء.
(قال الفقيه) رحمه الله: إذا تخلل الرجل فما خرج من بين أسنانه من الطعام فإن ابتلعه جاز وإن ألقاه جاز. وقد جاء في الأثر الإباحة في الوجهين جميعا. وهو ما روى أبو هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من أكل طعاما فما تخلل فليلفظ وما لاك بلسانه فليبتلع فمن فعل فقد أحسن ومن لم يفعل فلا حرج)) ويستحب إذا أراد أكل اللحم أن يأكل قبله لقمتين أو ثلاثا من الخبز حتى يسد الخلل. ويكره الخلال بالريحان وبالآس وبخشب الرمان والمشط. ويستحب أن يكون الخلال من الخلاف الأسود أو الأصفر، وإذا كان الرجل ضيفا عند إنسان فتخلل بين أسنانه فلا ينبغي له أن يرى بالخلال أو بالطعام الذي خرج من بين أسنانه لأن ذلك يفسد ثيابه ولكنه يمسكه فإذا أتي بالطست لغسل اليد ألقاه فيه ثم يغسل يده فإن ذلك من المروءة.
الباب السابع والخمسون: في آداب الشرب
(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: يستحب للرجل أن يشرب بثلاثة أنفاس وهو قاعد ولو شرب بنفس واحد أو شرب قائما فلا بأس. وقد جاءت الآثار في الإباحة وقد جاءت بخلافه وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لا تشربوا الماء واحدة كشرب البعير واشربوا مثنى وثلاث وسموا الله تعالى إذا شربتم واحمدوه إذا فرغتم)) وروى قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه نهى عن الشرب قائما)) وروى النزال بن سبرة أنه قال: رأيت عليا رضي الله تعالى عنه يشرب فضل وضوئه قائما، ثم قال: إن ناسا يكرهون أن يشربوا قياما، وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ما فعلت. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما وقاعدا. وعن نافع عن ابن عمر قال: كنا نشرب ونحن قيام ونأكل ونحن نمشي. وروى إبراهيم بن سعيد عن أبي هريرة خلاف هذا أنه قال: لو يعلم الذي يشرب قائما ما عليه لاستقاء.
(قال الفقيه) رحمه الله: إذا شرب قاعدا فهو أحسن في الأدب وأبعد من الأذى والضرر وروي عن الشعبي أنه قال: إنما كره الشرب قائما لأن داء، وإنما كره الأكل متكئا مخافة أن يعظم الظن: يعني أن النهي نهى الشفقة لا نهي التحريم كما نهى عن الشرب من فم السقاء. وروي عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم ((أنه نهى عن الشرب من فم السقاء)) يعني من فم القربة لأن ذلك ينتنه. وروي عن مجاهد أنه قال: لا تشرب من قبل العروة والثلمة فإن الشيطان يقعد عليه.
الباب الثامن والخمسون: في تقديم اليمين على الشمال
Page 348