الباب الثاني والخمسون: في آداب النوم
(قال الفقيه) أبو الليث رحمه الله: ينبغي للإنسان إذا أراد النوم أن ينام على الوضوء لأن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال: ((من بات طاهرا بات في شعاره ملك لا يستيقظ ساعة من الليل إلا قال الملك اللهم اغفر لعبدك فلان فإنه بات طاهرا)) وإن استطاع إنسان أن يكون أبدا على الطهارة فليفعل. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لأنس بن مالك ((إن أتاك الموت وأنت على وضوء لم تفتك الشهادة)) وبلغنا أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام: يا موسى إذا أصابتك مصيبة وأنت على غير وضوء فلا تلومن إلا نفسك. ويقال إن أرواح المؤمنين تعرج إلى السماء إذا ناموا فما كان منها طاهرا أذن لها بالسجود وما كان غير طاهر فلا يؤذن لها بالسجود ويستحب له عند نومه أن يضطجع على يمينه فيستقبل القبلة عند أول اضطجاع، فإن بدا له أن ينقلب إلى الجانب الآخر فعل. ويستحب له أن يقول حين يضطجع بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ويدعو من الدعوات ما شاء. ويستحب له أن يقول حين يستيقظ ويقوم الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور فإذا قال هذا فقد أدى شكر ليلته. ويستحب له عند دخول البيت أن يبدأ برجله اليمنى وعند الخروج برجله اليسرى. وينبغي للمسلم أن يعود لسانه أن يقول بسم الله في جميع حركاته ويقول الحمد لله بعد فراغه من كل شيء لتدخل حلاوة الإيمان في قلبه. ويكره النوم في أول النهار، وفيما بين المغرب والعشاء. ويستحب النوم في وسط النهار. وروي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه نظر إلى بعض أولاده وهو نائم نومة الصبحة فوكزه برجله وقال له: قم لا أنام الله تعالى عينيك أتنام في الساعة التي تقسم الأرزاق فيها، أو ما سمعت أنها النومة التي قالت العرب إنها مكرهة مكسلة مهرمة منساة للحاجة، ثم قال: النوم ثلاثة: خلق، وخرق، وحمق، فأما الخلق فنومة الهاجرة. وأما الخرق فنومة الضحى. وأما الحمق فنومة آخر النهار، لا ينامها إلا أحمق أو سكران أو مريض.
الباب الثالث والخمسون: في آداب الأكل
Page 343