(قال الفقيه) رحمه الله تعالى: فبهذه الأخبار نقول إنه لا ينبغي أن يستنجي ويتمخط بيمينه إلا أن يكون باليسرى علة، ولا ينبغي أن يكشف عورته للشمس ولا للقمر ولا يستقبل القبلة إلا أن يكون كنيفا جعل نحو القبلة فلا بأس به، ولا ينبغي أن يتكلم في حال حاجته لأن الملائكة يتنحون عنه ويستترون عنه فإذا تكلم في ذلك الوقت فقد أتعبهم بالعود إليه ليكتبوا قوله، وينبغي للإنسان أن يتنزه عن البول فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((استنزهوا عن البول ما استطعتم فإن عامة عذاب القبر منه)) وينبغي للإنسان إذا أراد أن يقعد لحاجته أن لا يرفع ثوبه ما لم يدن من الأرض ويستر ما استطاع لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهذا فقيل ((يا رسول الله أرأيت لو لم يكن معه أحد قال فالله أحق أن يستحيا منه ولأن معك صاحبك لا يؤذيانك)) فينبغي أن لا تؤذيهما وإذا خرجت من الخلا. فابدأ برجلك اليمنى وقل الحمد لله الذي أخرج عني ما يؤذيني وأمسك علي ما ينفعني وإذا أردت الوضوء فقل بسم الله الحمد الله الذي جعل الماء طهورا لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((من سمى الله تعالى عند الوضوء فقد أسبغ وضوءه وطهر جسده ومن لم يسم الله لم يسبغ وضوءه ولم يطهر جسده)) وإذا استنجى الإنسان فإنه يستحب بعد الاستنجاء أن يضرب يده على الحائط أو على الأرض ثم يغسله ليزول الأذى عنها فإن ذلك من السنة. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يسم)) ويستحب للمتوضئ أن يخلل بين أصابعه ويتعاهد عرقوبيه بالماء فقد جاء التشديد بترك ذلك قال عليه الصلاة والسلام ((ويل للأعقاب من النار)) وروى أبو أيوب الأنصاري رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((حبذا المتخللون قيل يا رسول الله وما المتخللون؟ قال المتخللون من الطعام والمتخللون بالماء في الوضوء)) وإذا فرغ من الوضوء يستحب له أن يقول: سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، فقد روي في هذا فضل كثير. وروي عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ((إذا فرغ أحدكم من الوضوء فليقل أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ثم ليصل علي، فإذا قال ذلك فتحت له أبواب الرحمة))، وينبغي أن يكون في وضوئه مقبلا عليه ولا يتكلم فيه بشيء من الفضول لأنه يريد بذلك زيارة ربه عز وجل وإذا دخل المسجد ينبغي أن يدخل بالتعظيم ويبدأ برجله اليمنى ويقول بسم الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك واغفر لي ذنوبي وأغلق عني أبواب سخطك، وينبغي أن يكون في صلاته خاشعا لأن الله تعالى قال {قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون} ولا يلتفت يمينا ولا شمالا فإنه في مقام عظيم بين يدي الملك العظيم. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم ((أنه مدح صلاة رجل يقال له أبو سلمة بن عبد الرحمن فقال: ألا ترون كيف لا يجاوز بصره عن موضع سجوده )) وإذا أراد الافتتاح للصلاة ينبغي أن يحضر النية ويعلم أي صلاة هي فإن الصلاة لا تجوز إلا بالنية، وإذا فرغ من صلاته ينبغي أن يدعو الله لنفسه ولوالديه ولجميع المؤمنين والمؤمنات وينبغي أن يعظم المسجد فإن الله تعالى قال {في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه} يعني تعظم. ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن البيع والشراء ورفع الأصوات في المساجد، ويكره كلام الفضول واللغو والشعر والخصومة فيه، وإذا أراد الرجل المسجد فينبغي أن يتعاهد النعل والخف عن النجاسة ثم يدخل فيه.
Page 342