ويقال لهم : هل يجوز من الكافر الذي قد علم الله أنه لايؤمن وقد أمره بالإيمان أن يؤمن ويرجع عن كفره ؟ فإن قالوا: لايجوز ، فقد زعموا أن الله يأمر عباده بما لايجوز وهذا خلاف قولهم وقول جميع أهل الإسلام ، وإن قالوا: بلى قد يجوز أن يؤمن ويرجع عن كفره قيل لهم : فقد أجزتم للكافر الخروج من علم الله فكذلك يقدر من علم أنه لايؤمن على الإيمان ، ولايكون بقدرته على ذلك خارجا من علم الله ولافصل.
فإن قالوا: إنما قلنا ذلك لأن علم الله لم يأمر عباده بما لايجوز ، قلنا: وكذلك نقول نحن : إنه لايأمر عباده بما لايقدرون عليه.
ويقال لهم: إذا قلتم : إن العبد يفعل مالايقدر ان يفعله فهذا فاسد من الكلام في كل عقل سليم ، وإنما أولى بالحق والصواب من قال: إن العبد الكافر يجوز منه فعل الإيمان وأثبت له القدرة على مايجوز منه فعله ، ومن قال: إن الكافر يجوز منه فعل الإيمان ونفى عنه القدرة عليه نفى ماجوز منه.
ويقال لهم: ألستم تزعمون أن الله قادر على أن يقوي الكافر الذي قد علم أنه لايؤمن على الإيمان ؟ فمن قولهم : بلى فيقال لهم فقد أسقطتم عنا شغبكم ، فلعل الله قد فعل ذلك وأنتم لاتعلمون ولايكون تقويته له خروجا عن علمه.
ويقال لهم : ماتقولون في الكافر الذي قد علم الله أنه لايؤمن هل يجوز أن يهديه الله ويوفقه للإيمان ؟ وهل يقدر الله على ذلك ؟ فإذا قالوا : بلى يجوز ذلك فقد أجازوا له الخروج من علم الله بأعظم مما حاولوا أن يشنعوا به على غيرهم.
ويقال لهم : ألستم تزعمون أن الله قادر على فعل أشياء قد علم الله أنه لايفعلها ؟ فإذا قالوا: بلى : قيل لهم فقد صرحتم بأن الله سبحانه قادر على الخروج من علم نفسه ، ولزمكم ماأردتم الزامه أهل الحق ، والله مشكور وبما هو أهله مذكور.
Page 79