مسألة في العلم وجوابها
قالت المجبرة القدرية : من زعم أن الكافر الذي قد علم ألله أنه لايؤمن يقدر على الإيمان فقد زعم أنه يقدر على الخروج من علم الله ، وتوهموا أنهم قد شنعوا بهذا على أهل الحق ?ومن لم يجعل الله له نوارا فما له من نور? .
فأقول متوكلا على الله : بأن هذا من قولهم جهل وظلم في الحكم وجور على الحق لأنا إنما نزعم أن الكافر قد يقدر على الإيمان الذي أمره الله به ولايفعل ابدا غير ماعلم ألله أنه يفعله ، وليس الإيمان الذي أمر الله به خروجا من علم الله ، فتكون القدرة عليه قدرة على الخروج من علم الله ولو كان ذلك خروجا من علم الله لم يأمر الله به عباده, ولكان إذا أمرهم بذلك فقد أمرهم بالخروج من علمه وهو جل ذكره فقد أمر الكافر بالإيمان ، وكل مسئ بالإحسان ، ونحن سائلون عن هذا بعينه لنعرفهم أن الشنعة عليهم فيما قالوا به أعظم ، والحجة لهم ألزم وبالله أصول وأقول وأستعين : يقال لهم : أليس تزعمون أن الله قد أمر الكافر بالإيمان وهو قد علم أنه لايؤمن ؟ فإذا قالوا: بلى قيل: فأمره للكافر بذلك أمر له بالخروج عن علمه ، فإن قالوا : لا ولكن ليوجب عليه الحجة فكذلك نقول نحون أيضا: إنه قواه على ماأمر به وإن علم أنه لايفعله ليوجب عليه الحجة ؛ لأن المأمور بما هو عنه عاجز ولم يقو عليه مظلوم ، ولانقول : إن تقويته إياه على ماأمره به تقوية له على الخروج من علمه ، ونقول: وإنه وإن قدر على الإيمان الذي علم الله أنه لايكون منه فإنه لايكون منه أبدا غير ماعلم ألله أنه يكون منه.
Page 78