مسألة في التزيين وجوابها
قالت المجبرة القدرية : إن الله جل ذكره خلق الكفر كفرا والإيمان ايمانا ، والقبيح قبيحا ، والحسن حسنا ، وخلق جميع الأشياء على ماهي عليه من جورها وعدلها وحقها وباطلها وصدقها وكذبها ، وإنه لايقدر على فعل ذلك سواه واحتجوا لهذا من مذهبهم بقول الله سبحانه وتعالى عما يقول الظالمون علوا كبيرا :?كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم الى ربهم مرجعهم? وبقوله :?إن الذين لايؤمنون بالآخرة زينا لهم أعمالهم فهم يعمهون? فيتأولون هاتين الآيتين بجهلهم وضلالهم أن الله جل ذكره زين وحسن الكفر للكافرين والفسق للفاسقين ، وذلك هو الضلال البعيد ، لأن الثابت في عقل كل عاقل ، منصف أنه زين وحسن ماأمر به ومدحه, ووعد على فعله كريم الثواب وحسن المآب ، والنعيم المقيم ، ولم يزين ولم يحسن ماذمه وذم فاعليه ، وزجر عنه وأوعد على فعله التخليد في النار والعذاب الدائم الأليم ، وهم فيسمعون الله جل ذكره يقول:?وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم? ويقول:?وإذ زين لهم الشيطان أعمالهم? وقال: ?لاغالب لكم اليوم من الناس? ويعتقدون أن الشركاء والشيطان تزين لهم الباطل الذي هو فعلهم ، ولم يزينوا شيئا من الحق ولادلوا على شيء من الخير ، وكان يجب عليهم أن يخصوا الله سبحانه بأنه ربما زين الخير والحق الذي أمر به ودل عليه ورغب فيه ، وشكر فاعليه ، ولم يزين ماذمه وزجر عنه وأوعد عليه العذاب الدائم الأليم ، حتى يكونوا قد عدلوا في الحكم وسلموا من الجور والإثم وقالوا: إنما يعقله كل ذي عقل ، وفي هذا القدر كفاية لمن تدبره وعقل عن الله إن شاء الله.
Page 77