الدّهر. وإِن ماتوا فأعيانهم مفقودة، وأَمثالهم فى القلوب موجودة. وإِذا مات العالِم انثلم بموته ثُلْمة فى الإِسلام.
واعلم أَنّه تَبَيَّن فى علم الأَخلاق أَنّ الفضائل الإِنسانية التى هى الأُمّهات أَربع. وهى العلم، والشجاعة، والعفَّة، والعدل. وما عدا هذه فهى فروع عليها أَو تضاف إِليها. فالعلم فضيلة النَّفس (الناطقة. والشجاعة فضيلة النَّفس الغضبيَّة. والعفَّة فضيلة النَّفس) الشَّهْوانيَّة. والعدل فضيلة عامَّة فى الجميع.
ولا شكَّ أَن النفس الناطقة أَشرف هذه النفوس، ففضيلتها أَشرف هذه الفضائل أَيضا، لأَن تلك لا توجد كاملة إِلاّ بالعلم، والعلم يتمُّ ويوجد كاملًا بدونها. فهو مستغنٍ عنها، وهى مفتقِرة إِليه، فيكون أَشرف. وأَيضا أَنَّ هذه الفضائل الثلاث قد توجد لبعض الحيوانات العَجماوات، والعلم يختصّ بالإِنسان، ويشاركه فيه الملائكة. ومنفعة العلم باقية خالدة أَبدا.
وقد صحَّ عن رسول الله ﷺ: "إِذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إِلاّ من ثلاث: صدقةٍ جارية، أَو ولد صالح يدعو له، أَو علم يُنتفع به".
1 / 43