والعلم مع اشتراكها فى الشرف يتفاوت فيه. فمنه ما هو بحسب الموضوع؛ كعلم الطب؛ فإِن موضوعه بدن الإِنسان؛ ولا خفاء بشرفه.
ومنه ما هو بحسب الغاية؛ كعلم الأَخلاق؛ فإِنَّ غايته معرفة الفضائل الإِنسانية، ونعمت الفضيلة.
ومنها ما هو بحسب الحاجة (إِليه) كعلم الفقه؛ فإِنَّ الحاجة ماسَّة إِليه.
ومنه ما هو بحسب وَثَاقة الحُجَج. فالعلوم الرياضية؛ فإِنها برهانيَّة يقينية.
ومن العلوم ما يَقْوَى شرفُه باجتماع هذه الاعتبارات فيه أَو أَكثرها. فالعلم الإِلَهىّ المستفاد من كلام الله تعالى بالوحى الجلىِّ والخفىّ؛ فإِن موضوعه شريف، وغايته فاضلة، والحاجة إِليه عظيمة.
واعلم أَنه لا شىء من العلوم - من حيث هو علم - بضارٍّ، بل نافع. ولا شىء من الجهل - من حيث هو جهل - بنافع، بل ضارّ؛ لأَنَّا سنبيِّن عند ذكر كلَّ علم منفعة: إِمَّا فى أَمر المعاد أَو المعاش.
إِنَّما تُوهِّم فى بعض العلوم أَنه ضار أَو غير نافع؛ لعدم اعتبار الشروط
1 / 44