118

Les merveilles des bienfaits

بدائع الفوائد

Maison d'édition

دار الكتاب العربي

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Hadith
رِيحٌ عَاصِفٌ﴾ فذكر ريح الرحمة الطيبة بلفظ الإفراد لأن تمام الرحمة هناك إنما تحصل بوحدة الريح لا باختلافها فإن السفينة لا تسير إلا بريح واحدة من وجه واحد سيرها فإذا اختلفت عليها الرياح وتصادمت وتقابلت فهو سبب الهلاك فالمطلوب هناك ريح واحدة لا رياح وأكد هذا المعنى بوصفها بالطيب دفعا لتوهم أن تكون ريحا عاصفة بل هي مما يفرح بها لطيبها فلينزه الفطن بصيرته في هذه الرياض المونقة المعجبة التي ترقص القلوب لها فرحا ويتغذى بها عن الطعام والشراب والحمد لله الفتاح العليم فمثل هذا الفصل يعض عليه بالنواجذ وتثنى عليه الخناصر فإنه يشرف بك على أسرار عجائب تجتنيها من كلام الله والله الموفق للصواب مصطلحات بين الإفراد والجمع مما يدخل في هذا الباب جمع الظلمات وإفراد النور وجمع سبل الباطل وإفراد سبل الحق وجمع الشمائل وإفراد اليمين أما الأول فكقوله: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّور﴾ وأما الثاني فكقوله: ﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ﴾ وأما الثالث فكقوله: ﴿يَتَفَيَّأُ ظِلالُهُ عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ والجواب عنها يخرج من مشكاة واحدة وسر ذلك والله أعلم أن طريق الحق واحد وهو على الواحد للأحد كما قال تعالى: ﴿هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ﴾ قال مجاهد: "الحق طريقه على الله ويرجع إليه كما يقال طريقك علي" ونظيره قوله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ﴾ في أصح القولين: أي السبيل القصد الذي يوصل إلى الله وهي طريق عليه قال الشاعر: فهن المنايا أي واد سلكنه ... عليها طريقي أو علي طريقها وقد قررت هذا المعنى وبينت شواهده من القرآن وسر كون الصراط المستقيم على الله وكونه تعالى على الصراط المستقيم كما في قول هود: ﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ في كتاب التحفة المكية والمقصود أن طريق الحق واحد إذ مرده إلى الله الملك الحق وطرق الباطل متشعبة متعددة فإنها لا ترجع إلى شيء موجود ولا غاية لها يوصل إليها بل هي بمنزلة بنيات الطريق وطريق الحق بمنزلة الطريق

1 / 119