119

Les merveilles des bienfaits

بدائع الفوائد

Maison d'édition

دار الكتاب العربي

Numéro d'édition

الأولى

Lieu d'édition

بيروت

Genres

Hadith
الموصل إلى المقصود فهي وإن تنوعت فأصلها طريق واحد ولما كانت الظلمة بمنزلة طرق الباطل والنور بمنزلة طريق الحق فقد أفرد النور وجمعت الظلمات وعلى هذا جاء قوله: ﴿اللَّهُ وَلِيُّ الَّذِينَ آمَنُوا يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَوْلِيَاؤُهُمُ الطَّاغُوتُ يُخْرِجُونَهُمْ مِنَ النُّورِ إِلَى الظُّلُمَاتِ﴾ فوحد ولي الذين آمنوا وهو الله الواحد الأحد وجمع الذين كفروا لتعددهم وكثرتهم وجمع الظلمات وهي طرق الضلال والغي لكثرتها واختلافها ووحد النور وهو دينه الحق وطريقه المستقيم الذي لا طريق إليه سواه ولما كانت اليمين جهة الخير والفلاح وأهلها هم الناجون أفردت ولما كانت الشمال جهة أهل الباطل وهم أصحاب الشمال جمعت في قوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَالشَّمَائِلِ﴾ فإن قيل فهلا كذلك في قوله: ﴿وَأَصْحَابُ الشِّمَالِ مَا أَصْحَابُ الشِّمَالِ﴾ وما بالها جاءت مفردة قيل: جاءت مفردة لأن المراد أهل هذه الجهة ومصيرهم ومآلهم إلى جهة واحدة وهي جهة الشمال مستقر أهل النار والنار من جهة الشمال فلا يحسن مجيئها مجموعة لأن الطرق الباطلة وإن تعددت فغايتها المرد إلى طريق الجحيم وهي جهة الشمال وكذلك مجيئها مفردة في قوله: ﴿عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ لما كان المراد أن لكل عبد قعيدين قعيدا عن يمينه وقعيدا عن شماله يحصيان عليه الخير والشر فلكل عبد من يختص بيمينه وشماله من الحفظة فلا معنى للجمع هاهنا وهذا بخلاف قوله تعالى حكاية عن إبليس: ﴿ثُمَّ لآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ﴾ فإن الجمع هنا في مقابلة كثرة من يريد إغواءهم فكأنه أقسم أن يأتي كل واحد من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله ولا يحسن هنا عن يمينهم وعن شمالهم بل الجمع هاهنا من مقابلة الجملة بالجملة المقتضى توزيع الأفراد ونظيره: ﴿فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾ وقد قال بعض الناس: إن الشمال إنما جمعت في الظلال وأفرد اليمين لأن الظل حين ينشأ أول النهار يكون في غاية الطول يبدو كذلك ظلا

1 / 120