فقطب جبل ليداري تأثره وقال: لولا منزلتك عندي لجرت الأمور بغير ما جرت به. - لا أشك في ذلك يا جبل، إنك رجل لا يخيب عنده الرجاء.
فقال جبل متأسفا: ما كان أيسر أن يقوم العدل دون إراقة نقطة من الدم!
فندت عن الأفندي حركة غامضة فضحت تخاذله وازداد انكماشا، فقالت الهانم: قد كان ما كان، ولن تلقى منا إلا آذانا مصغية!
وبدا أن الناظر يريد أن يخرج من صمته بأي ثمن، فقال بصوت ضعيف: ثمة فرصة لإصلاح ما سلف من أخطاء.
أرهفت الآذان لسماع كلامه رغبة في الاطلاع على حال الجبار إذا تخلى عنه جبروته، وكانوا يرمقونه بتشف قليل وإنكار وحب استطلاع لا حد لهما. وتشجع الأفندي بتغلبه على الصمت فقال: تستطيع اليوم أن تحتل مكانة زقلط عن جدارة.
فتجهم وجه جبل وقال بازدراء: ليست الفتونة مطلبي، فابحث لحمايتك عن غيري، وما أريد إلا حقوق آل حمدان كاملة. - هي لكم دون نقصان، ولك إدارة الوقف إن شئت.
فقالت هدى برجاء: كما كنت يا جبل من قبل.
وهنا صاح دعبس من بين آل حمدان: ولم لا يكون الوقف كله لنا؟
وسرت همهمة في آل حمدان حتى اصفر وجه الناظر وزوجه حتى الموت. غير أن جبل قال بقوة غاضبة: أمرني الواقف باسترداد حقكم لا باغتصاب حقوق الآخرين.
فتساءل دعبس: ومن أدراك أن الآخرين سيأخذون حقوقهم؟
Page inconnue