وَحِينَئِذٍ فَيُقَال موجه الإقتصار على هَذِه الصِّفَات الثمان مَعَ أَنه تَعَالَى عَزِيز فَمن أَوْصَافه الْعِزَّة وعظيم فِيمَن أَوْصَافه العظمة وحليم فَمن أَوْصَافه الْحلم فَهَل يَصح أَن يُقَال مثلا حَلِيم بحلم كَمَا يُقَال عليم بِعلم وَهَكَذَا فِي الْبَقِيَّة
وَلَعَلَّ الْجَواب على طَريقَة الْخلف أَن هَذِه الْأَوْصَاف كلهَا كيفيات وإنفعالات تحدث فِي النَّفس وَالله منزه عَنْهَا فتؤخذ كلهَا بإعتبار الغايات بِخِلَاف الْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر وَنَحْوهمَا فَإِنَّهَا من الْأَوْصَاف الذاتية لَا من الكيفيات النفسانية
وللسلف أَن يَقُولُوا إِن هَذِه الْأَوْصَاف على ظَاهرهَا وَهَذَا التَّعْلِيل لَا يسْتَلْزم أَن يكون كَذَلِك فِي حَقه تَعَالَى كَمَا أَن الْعلم وَالْقُدْرَة والسمع وَالْبَصَر تَسْتَلْزِم من النَّقْص فِي حَقنا مَا يجب تَنْزِيه الله تَعَالَى عَنهُ من جِهَة أَنَّهَا أَعْرَاض وَنَحْوه فمذهب السّلف أسلم لَا سِيمَا وَقد نقل البُخَارِيّ وَغَيره عَن الفضيل بن عِيَاض قدس الله روحه أَنه قَالَ لَيْسَ لنا أَن نتوهم فِي الله كَيفَ هُوَ لِأَن الله ﷿ وصف نَفسه فأبلغ فَقَالَ ﴿قل هُوَ الله أحد﴾ السُّورَة فَلَا صفة أبلغ مِمَّا وصف بِهِ نَفسه فَهَذَا النُّزُول والضحك وَهَذِه المباهاة وَهَذَا الإطلاع كَمَا شَاءَ الله أَن ينزل وكما شَاءَ أَن يباهي وكما شَاءَ أَن يضْحك وكما شَاءَ أَن يطلع فَلَيْسَ لنا أَن نتوهم كَيفَ وَكَيف فَإِذا قَالَ الجهمي أَنا أكفر بِرَبّ يَزُول عَن مَكَانَهُ فَقل أَنا أُؤْمِن بِرَبّ يفعل مَا يَشَاء أنْتَهى
وَقَالَ بعض من انتصر لمَذْهَب السّلف ردا على الْخلف
1 / 76