قلنا: كلا القبلتين باطلة مخالفة لقبلة الحق، فكانتا بحكم الاتحاد بالبطلان قبلة واحدة.
* * *
فإن قيل: كيف يكون للظالمين من اليهود أو غيرهم حجة على المؤمنين حتي قال: (للِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَيْكُمْ حُجَّةٌ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) ؟
قلنا: معناه إلا أن يقولوا ظلمًا وباطلًا، كقول الرجل لصاحبه ما لك عندى حق إلا أن تظلم، وإلا أن يقول الباطل.
وقيل: معناه والذين ظلموا منهم، فلا هنا بمعنى واو العطف كما في قوله تعالى: (إِنِّي لَا يَخَافُ لَدَيَّ الْمُرْسَلُونَ (١٠) إِلَّا مَنْ ظَلَمَ) .
وقيل لا فيهما بمعنى لكن.
وحجتهم أنهم كانوا يقولون لما توجه النبى ﷺ إلى بيت المقدس ما درى محمد أين قبلته حتى هديناه، وكانوا يقولون أيضًا يخالفنا محمد في ديننا ويتبع قبلتنا، فلما حوله الله تعالى إلى
الكعبة انقطعت هذه الحجة، فعادوا يقولون لم تركت قبلة بيت المقدس إن كانت باطلة فقد صليت إليها زمانًا، وإن كانت حقًا فقد انتقلت عنها فهذا هو المراد بقوله: (إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ) .
وقيل: المراد به قولهم ما ترك محمد قبلتنا إلا ميلًا إلى
دين قومه وحبًا لوطنه، وقيل: المراد به قول المشركين قد عاد محمد إلى قبلتنا لعلمه أن ديننا حق فسوف يعود إلى ديننا، وإنما
1 / 14