بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ ـ[أنموذج جليل في أسئلة وأجوبة عن غرائب آي التنزيل]ـ المؤلف: زين الدين أبو عبد الله محمد بن أبي بكر بن عبد القادر الحنفي الرازي (المتوفى: ٦٦٦هـ) تحقيق: د. عبد الرحمن بن إبراهيم المطرودى الناشر: دار عالم الكتب المملكة العربية السعودية - الرياض الطبعة: الأولى، ١٤١٣ هـ، ١٩٩١ م عدد الأجزاء: ١ [ترقيم الكتاب موافق للمطبوع] جَزَى اللَّهُ كَاتِبَهُ وَمَنْ تَحَمَّلَ نَفَقَةَ الْكِتَابَةِ خَيرَ الجَزَاءِ وَأَوفَاهُ.

Page inconnue

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مقدمة (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ) قال الفقير إلى رحمة ربه ومغفرته محمد بن أبى بكر بن عبد القادر الرازي عفا الله عنه وغفر له ولجميع المسلمين؛ هذا مختصر جمعت فيه أنموزجًا يسيرًا من أسئلة القرآن المجيد وأجوبتها فمنه ما نقلته من كتب العلماء إلا أنى نقحته ولخصته ومنه ما فتح الله تعالى على به بسبب مذاكرة أخ لي من إخوان الصفا في دين الله ومحبة كتابه، وكان صالحًا تقيًا سليم الفطره وقاد الذهن جامعًا لجملة من مكارم الأخلاق، وصفات الكمال الإنسانى أنعم الله تعالى على بصحبته ومذاكرته في معانى كتابه، وكان شديد العناية بها كثير البحث والسؤال عنها، قد هداه الله إليها وفتح عليه فيها بغرايب لم نسمعها من العلماء ولا رأينها في كتبهم فحملتنى فكرته القادحة ونيته الصالحة على جمع هذه الصبابة، وهى تزيد على ألف ومائتي سؤال، وأن كانت بالنسبة إلى ما في القرآن من العجائب والغرائب كالقطرة من الماء والسهى من نجوم السماء، ولكنى قصدت اختصار هذا الأنموذج منها وتقريبه إلى الأفهام، ليكثر الانتفاع به ولا يهجر لدقته وغموضه، وأماالأسئلة التى تتعلق بوجوه الإعراب وبالمعانى التى هى أدق على الأفهام وأخفى، فإنى وضعت لها مختصرًا آخر وأودعته أنموذجًا منها فلتطلب منه، وبالله أستعين وعليه أتوكل واليه أتضرع في أن يجعل علمى وعملى خالصًا لوجهه الكريم ويتغمدنى وأخى الصالح بمغفرته ورحمته أنه غفور رحيم

1 / 1

سورة فاتحة الكتاب * * * فإن قيل: الرحمن أبلغ في الوصف بالرحمة من الرحيم بالنقل عن الزجاج وغيره، فكيف قدمه وعادة العرب في صفات المدح الترقى من الأدنى إلى الأعلى؟ قلنا: قال الجوهرى وغيره أنهما بمعنى واحد كنديم وندمان فعلى هذا لا يرد السؤال، وعلى القول الأول أنما قدمه لأن الله تعالى أسم خاص بالبارى لا يسمى به غيره، لا مفردًا ولا مضافا فقدمه، والرحيم يوصف به غيره مفردًا ومضافًا فأخره، والرحمن يوصف به غيره مضافًا ولا يوصف به مفردًا إلى الله تعالى فوسطه. * * * فإن قيل: كيف قدم العبادة على الإستعانة والإستعانة مقدمة لأن العبد يستعين الله على العبادة فيعينه الله عليها؟ قلنا: الواو لا تدل على الترتيب، أو المراد بهذه العبادة التوحيد، وهوم قدم على الإستعانة على أدآء سائر العبادات، فإن من لم يكن موحدًا لا يطلب الإعانة على ادآء العبادات. * * * فإن قيل (المرادبالصراط المستقيم الإسلام أو القرآن أو طريق الجنة والمؤمنون مهتدون إلى ذلك، فما معنى قولهم: "اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ") وأنه تحصيل الحاصل؟ قلنا: ثبتنا عليه وأدمنا على سلوكه، خوفًا من سوء الخاتمة، نعوذ بالله من ذلك، كما تقول العرب للواقف قف حتى آتيك معناه دم على وقوفك وأثبت عليه أو معناه طلب زيادة الهدى كما قال تعالى: (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى) وقال

1 / 2

(وَيَزِيدُ اللَّهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدًى) . * * * فإن قيل: ما فائدة دخول لا في قوله: (وَلَا الضَّالِّينَ) . وقوله: (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) . والضالين كاف في المقصود؟ قلنا: فائدته تأكيد النفى الذي دل عليه غير.

1 / 3

سورة البقرة * * * فإن قيل: كيف قال: (لَا رَيْبَ فِيهِ) على سبيل الاستغراق وكم ضال قد ارتاب فيه، ويؤيد ذلك قوله تعالى: (وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا) ؟ قلنا: معناه لا ريب فيه عند الله ورسوله والمؤمنين، أو هو نفى معناه نهى أي لا ترتابوا فيه إنه من عند الله، ونظيره قوله تعالى: (إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا) . * * * فإن قيل: كيف قال: (هُدًى لِلْمُتَّقِينَ) . والمتقون مهتدون فكأنه تحصيل الحاصل؟ قلنا: إنما صاروا متقين بما استفادوا منه من الهدى، أو أراد أنه ثبات لهم على الهدى، وزيادة فيه، أو خصهم بالذكر لأنهم هم الفائزون بمنافعه حيث قبلوه وأتبعوه كقوله: (إِنَّمَا أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشَاهَا) . أو أراد الفريقين وأختصر على أحدهما كقوله تعالى: (سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ) . * * * فإن قيل: المخادعة أنما تتصور في حق من تخفى عليه الأمور ليتم الخداع في حقه يقال خدعه إذا أراد به المكروه من حيث

1 / 4