لوَ انَّكَ تُلقي حنظلًا فوقَ بيضِنا ... تدحرجَ عن ذي سامهِ المتقاربِ
إذا ما فررْنا كانَ أسْوا فرارنا ... صدودُ الخدودِ وازورارَ المناكبِ
إذا قصرتْ أسيافَنا كانَ وصلُها ... خُطانا إلى أعدائنا بالتَّقاربِ
أُجالدهمْ يومَ الحديقةِ حاسرًا ... كأنَّ يدِي بالسَّيفِ مخراقُ لاعبِ
ويومَ بعاثٍ أسلمتْنا سيوفُنا ... إلى نسبٍ في جذمِ غسَّانَ ثاقبِ
يعرِّينَ بيضًا حين نلقى عدوَّنا ... ويغمدنَ حمرًا ناحلاتِ المضاربِ
أطاعتْ بنا بنو عوفٍ أميرًا نهاهمُ ... عن السِّلمِ حتَّى كانَ أوَّلَ واجبِ
عجبتُ لعوفٍ إذ تقولُ نساؤهمْ ... ويرمينَ دفعًا ليتَنا لم نحاربِ
صحبناهمُ شهباءَ يبرقُ بيضُها ... تبينُ خلاخيلَ النِّساءِ الهواربِ
أصابتْ سراةً مِ الأغرِّ سيوفُنا ... وغودرَ أولادُ الإماءِ الحواطبِ
ومنَّا الذي آلى ثلاثينَ ليلةً ... عن الخمرِ حتَّى زاركمْ بالكتائبِ
رضيتُ لهم ألاّ يريمونَ قعرَها ... إلى عازبِ الأموالِ إلاَّ بصاحبِ
فلولا ذُرى الآطامِ قد تعلمونهُ ... وتركُ الفضا شوركتمُ في الكواعبِ
فلا تمنعوا منَّا مكانًا نريدهُ ... لكم محرزًا إلاَّ ظهورَ المشاربِ
فهلاَّ لدى الحربِ العوانِ صبرتمُ ... لوقعتِنا والبأسُ صعبُ المراكبِ
ظآرناكمُ بالبيضِ حتَّى لأنتمُ ... أذلُّ من السُّقبانِ بينَ الحلائبِ
ولمَّا هبطنا الحرثَ قالَ أميرُنا ... حرامٌ علينا الخمرُ ما لمْ نضاربِ
فسامحهُ منَّا رجالٌ أعزَّةٌ ... فما برحوا حتَّى أُحلَّت لشاربِ
فليتَ سويدًا راءَ منْ خرَّ منكمُ ... ومنْ فرَّ إذ يحدونهمْ كالجلائبِ
فأبْنا إلى أبنائنا ونسائنا ... وما منْ تركنا في بعاثٍ بآئبِ
وغيِّبتْ عن يومٍ كفتْني عشيرتي ... ويوم بعاثٍ كانَ يومَ التَّغالبِ
وقال أيضًا:
ردَّ الخليطُ الجِمالَ وانصرفوا ... ماذا عليهم لو أنَّهم وقفوا
لو وقفوا ساعةً نسائلهمْ ... ريثَ يضحِّي جمالهُ السَّلفُ
فيهمْ لعوبُ العشاءِ آنسةُ ال ... دَّلِّ عروبٌ يسوؤها الخلفُ
بينَ شكولِ النِّساءِ خلقتُها ... قصدٌ فلا جبلةٌ ولا قضفُ
تغترقُ الطَّرفَ وهي لاهيةٌ ... كأنَّما شفَّ وجهها نزفُ
قضى لها اللهُ حينَ يخلقُها ال ... خالقُ ألاَّ يكنَّها سدفُ
تنامُ عن كبرِ شأنِها فإذا ... قامتْ رويدًا تكادُ تنغرفُ
حوراءُ جيداءُ يستضاءُ بها ... كأنَّها خوطُ بانةٍ قصفُ
تمشي كمشيِ الزَّهراءِ في دمثِ ال ... رَّملِ إلى السَّهلِ دونهُ الجرفُ
ولا يغثُّ الحديثُ ما نطقتْ ... وهو بفيها ذو لذَّةٍ طرفُ
تحزنهُ وهو مشتهًى حسنٌ ... وهو إذا ما تكلَّمت أنفُ
كأنَّ لبَّاتها تبدَّدها ... هزلى جرادٍ أجوازهُ جلفُ
كأنَّها درَّةٌ أحاطَ بها ال ... غوَّاصُ يجلو عن وجهها الصَّدفُ
وللهِ ذي المسجدِ الحرامِ وما ... جلِّلَ من يمنةٍ لها خنفُ
إنِّي لأهواكِ غيرَ ذي كذبٍ ... قد شفَّ منِّي الأحشاءُ والشَّغفُ
بل ليتَ أهلي وأهلَ أثلةَ في ... دارِ قريبٍ من حيثُ يختلفُ
أيهاتَ من أهلهُ بيثربَ قد ... أمسى ومنْ دونَ أهلهِ سرفُ
يا ربِّ لا تبعدنْ ديارَ بني ... عذرةَ حيث انصرفتُ وانصرفوا
أبلغْ بني جحجبى وقومهمُ ... خطمةَ أنَّا وراءهم أُنفُ
وأنَّنا دونَ ما يسومهمُ الأع ... داءُ من ضيمِ خطَّةٍ نكفُ
إنَّا ولو قدَّموا التي علموا ... أكبادُنا من ورائهم تجفُ
نفلي بحدِّ الصَّفيحِ هامهمُ ... وفليُنا هامهمْ بنا عنفُ
لمَّا بدتْ غدوةً جباههمُ ... حنَّتْ إلينا الأرحامُ والصُّحفُ
فقولُنا للمقدَّمينَ قفوا ... عن شأوِكم والحروبُ تختلفُ
يتبعُ آثارَها إذا اختلجتْ ... سخنٌ عبيطٌ عروقهُ تكفُ
قالَ لنا النَّاسُ معشرٌ ظفروا ... قلنا فإنَّا لقومنا خافُ
إنَّ لنا حوزة وحومتها ... بين ذُراها مخارفٌ دلفُ
1 / 52