فهم سراعٌ إليكم بينَ ملتقطٍ ... شوكًا وآخرَ يجني الصَّابَ والسَّلعَا
لو أنَّ جمعهمُ راموا بهدَّتهِ ... شمَّ الشَّماريخِ من ثهلانَ لانْصدعَا
في كلِّ يومٍ يسنَّونَ الحرابَ لكمْ ... لا يهجعونَ إذا ما غافلٌ هجعَا
خزرٌ عيونُهم كأنَّ لحضهمُ ... حريقُ نارٍ ترى منهُ السَّنا قطعَا
لا الحرثُ يشغلهمْ بل لا يرونَ لهم ... من دون بيضتكمْ ريَّا ولا شبعَا
وأنتمْ تحرثونَ الأرضَ عن عرضٍ ... في كلِّ معتملٍ تبغونَ مزدرعَا
وتُلحقونَ حيالَ الشَّولِ آونةَ ... وتنتجونَ بذاتِ القلعةِ الرُّبعَا
وتلبسونَ ثيابَ الأمنِ ضاحيةَ ... لا تفزعونَ وهذا اللَّيثُ قد جمعَا
أنتمْ فريقانِ هذا لا يقومُ لهُ ... هصرُ اللّيوثِ وهذا هالكٌ صقعَا
وقد أظلَّكمُ من شطرِ ثغرِكم ... هولٌ ظلمٌ تغشاكمُ قطعَا
مالي أراكمْ نيامًا في بلهنيةٍ ... وقد ترونَ شهابَ الحربِ قد سطعَا
فاشفوا غليلي برأيٍ منكمُ حسنٍ ... يضحِ فؤادي له ريَّانَ قد نقعَا
ولا تكونوا كمنْ قد باتَ مكتنعًا ... إذ يقالُ له افرُجْ غمَّةً كنعَا
قوموا قيامًا على أمشاطِ أرجلكمْ ... ثم افزعوا قد ينالُ الأمرَ من فزعَا
صونوا خيولَكم واجْلوا سيوفكمُ ... وجدِّدوا للقسيِّ النَّبعَ والشَّرعَا
واشروا تلادكمُ في حرزِ أنفسكمْ ... وحرزِ نسوتكمْ لا تهلكوا هلعَا
ولا يدعُ بعضكمْ بعضًا لنائبةٍ ... كما تركتمْ بأعلى بيشةَ النَّخعَا
اذكوا العيونَ وراءَ السَّرحِ واحترسوا ... حتَّى ترى الخيلَ من تعدائها وجعَا
فإنْ غلبتمْ على ضنٍّ بداركمُ ... فقد لقيتُم بأمرِ حازمٍ فزعَا
لا تلهكمْ إبلٌ ليستْ لكم إبلٌ ... إنَّ العدوَّ بعظمٍ منكمُ فزعَا
هيهاتَ لا مالَ من زرعٍ ولا إبلٍ ... يرجى لغابركمْ إنْ أنفكم جُدعَا
لا تثمروا المالَ للأعداءِ إنَّهمُ ... إنْ يظفروا يحتووكمْ والتلادَ معَا
واللهِ ما انفكَّتِ الأموالُ مذْ أبدٍ ... لأهلها إنْ أُصيبوا مرةً تبعَا
يا قومُ إنَّ لكمْ من أرثِ أوَّلكمْ ... عزًّا قد أشفقتُ أن يودي فينقطعَا
وما يردُّ عليكمْ عزُّ أوَّلكمْ ... إنْ ضاعَ آخرهُ أو ذلَّ واتَّضعَا
ولا يغرَّنكمْ دنيا ولا طمعٌ ... أنْ تنعشوا بزماعٍ ذلك الطَّمعَا
يا قومُ بيضتكمْ لا تفجعنَّ بها ... إنِّي أخافُ عليها الأزلمَ الجدعَا
يا قومْ لا تأمنوا إن كنتمُ غيُرًا ... على نسائكمُ كسرى وما جمعَا
هو الجلاءُ الذي تبقى مذلَّتهُ ... إنْ طارَ طائركمْ يومًا وإنْ وقعَا
هو الفناءُ الذي يجتثُّ أصلكمُ ... فشمِّروا واستعدُّوا للحروبِ معَا
وقلِّدوا أمركُم لله درُّكمُ ... رحبَ الذِّراعِ بأمرِ الحربِ مضطلعَا
لا مترفًا إنْ رخاءُ العيشِ ساعدهُ ... ولا إذا عضَّ مكروهٌ به خشعَا
لا يطعمُ النَّومَ إلاَّ ريثَ يبعثهُ ... همٌّ يكادُ أذاهُ يحطمُ الضّلعَا
مسهَّدَ النَّوم تعنيه أموركمُ ... يؤمُّ منها إلى الأعداءِ مطَّلعَا
ما زالَ يجلبُ درَّ الدَّهرِ أشطرهُ ... يكونُ متَّبعًا يومًا ومتَّبعَا
وليسَ يشغلهُ مالٌ يثمِّرهُ ... عنكم ولا ولدٌ يبغي له الرِّفعَا
حتَّى استمرَّتْ على شزرٍ مريرتهُ ... مستحكم السِّنِّ لا قمحا ولا ضرعَا
كمالكِ بن قنانٍ أو كصاحبهِ ... زيدِ القنا يومَ لاقى الحارثينِ معَا
إذ عابهُ عائبٌ يومًا فقالَ لهُ ... دمِّثْ لنفسكَ قبلَ اليومِ مضطجعَا
فساورهُ فألفَوهُ أخا عللِ ... في الحربِ يختبلُ الرِّئبالَ والسَّبعَا
مستنجدًا يتحدَّى النَّاسَ كلّهمُ ... لو قارعَ النَّاسَ عن أحسابهم قرعَا
هذا كتابي إليكم والنَّذيرُ لكمْ ... فمن رأى مثلَ ذا رأيًا ومن سمعَا
لقد بذلتُ لكم نُصحي بلا دخلٍ ... فاستيقظوا إنَّ خيرَ القولِ ما نفعَا
وقالت الخنساء بنت عمرو ترثي أخاها صخرًا
أقذى بعينكِ أمْ بالعينِ عوَّارُ ... لا بلْ بكيتَ لمن أقوتْ لهُ الدَّارُ
1 / 50