إلى أن يقول - بعد كلام فيه طول -: ومع ما ذكرنا من سقوط نجم العلم وتنكس راياته، وبوار بضائعه وخمود جمراته، فإن في الزوايا خبايا، وفي الرجال بقايا، هم صفوة العباد، ونقاوة أهل البلاد، بهم حياة الملة، وبقاء السنة، يجددون أخلاق العلم، ويرفؤون خرقه، ويحيون دارسه، ويرقعون وهيه، هم في جفوة من الناس، ونكد من الزمان، مخصوصون من أبناء الدنيا بالحرمان، قد رضوا بالعلم رفيقا وجارا، وبالجنة مقرا ودارا، واكتفوا من الدنيا بما قاتهم، وعلموا أن في الله خلفا من كل ما فاتهم، وما داموا في الأحياء فالخير مرجو، ولجد بني الإسلام سمو، فإذا انقرضوا فسدت الدنيا كل الفساد، وشمل الشر جميع البلاد، وأتت الفتن كقطع الليل هاجمة على الناس هجوم السيل، وإنا نرجو من الله تعالى أن يجعلنا من جملتهم، ويدخلنا الجنة في زمرتهم.
أنشدني الشريف النقيب أبو الفتح محمد بن إسماعيل العلوي، وأبو جعفر محمد بن محمد السنجي، وأبو منصور ابن إسماعيل الرازي رحمه الله لفظا، قالوا: أنشدنا الإمام أبو سعد ابن السمعاني إملاء، قال: أنشدنا الشريف أبو المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز - إملاء من حفظه، ببغداد - قال: أنشدنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري.
ح وأنشدني أعلى من هذا المحدث الثبت أبو رشيد محمد بن أبي بكر بن أبي القاسم بن الغزال الإصبهاني رحمه الله لفظا، قال: أنا غير واحد من مشايخي إذنا، قالوا: أنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري الصيرفي، قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن أحمد الفالي لنفسه:
Page 78